المنسق العام لتيار المستقبل في طرابلس النقيب بسام زيادة ل الخبر
رائحة طرابلس فيها الكثير من الحنين الى تاريخ نعرفه في الكتب، وطيبة وعلاقة أهل الارض بفطرتهم الاولى. الارهاب تهمة لبستهم لقساوة الفقر ليس اكثر لكن من يعرف رجال ونساء طرابلس يعرف بأي عنفوان يندفعون إلى نجدة أي كان حتى لو لم يكن إبن المدينة. زوايا المدينة تخبر قصص أهلها. ورجالاتها من الذين يدركون تركيبة لبنان ويتخطون أفخاخه إلى مستويات أعلى من مستويات الفهم السطحي. المنسق العام لتيار المستقبل في طرابلس النقيب بسام زيادة أحد هؤلاء الذين يدارون شعور إبن المدينة كما اللبناني. لديه بعد نظر تتفوق على عاطفة الغضب المفعمة بالحزن. حاورته “الخبر” وادركت أن الخير ما زال في لبنان.
١. هل برايك هذه الأحداث في طرابلس ستعيد اللحمة بين الطرابلسيين
اسمحي لي أن اختلف معك في الرأي، “انا لا أوافق على هذا السؤال”، المعركة لم تكن بين أبناء طرابلس، بل هناك تظاهرات قامت بها مجموعة من الناس المتأثرين من الوضعين الاقتصادي والمالي، مجموعة تطالب بحقها في العيش الكريم، وهذه المطالب المحقة لا يمكن لأي أحد كان معارضتها او الوقوف في وجهها، هؤلاء أبناءنا، وبالتالي علينا أن نستمع إليهم إلى هواجسهم ومخاوفهم، كلُ مسؤول من موقع مسؤوليته، وطبعاً هذا الوضع قائم منذ زمن، والآن اصبح لدينا أزمة مركّبة، وأعتقد أن حكومة الرئيس حسان دياب لم تستطع إنقاذ الوضع، وهذا ما أدى إلى حركة الاحتجاجات الأخيرة في الشارع الطرابلسي، حيث أن ٧٠% من السكان يعانون من الفقر، لانعدام الاستقرار السياسي وعدم وجود استثمارات عادلة في طرابلس بإمكانها التخفيف من حدة البطالة، دائماً كنا من المدافعين عن حقوق اهلنا وقد حذرنا تكراراً ومراراً من إمكان استغلال التظاهرات المطلبية من بعض أصحاب الأجندة المشبوهة التي لا تخدم الاستقرار، الاستقرار هو العمود الفقري للاستثمار، لقد اخترقت الطوابير الخامسة التحركات الاخيرة، وبدأ التخريب، أبناء طرابلس والجوار لا يمكنهم القيام بهذا العمل، لمحبتهم الشديدة لمدينتهم، وتعلقهم بتاريخها وتراثها، اليوم هناك مندسون، هناك أجهزة أمنية وقضائية، سَتُسْقِط القناع عن وجوه الذين أرادوا شراً لمدينتنا، ولذلك فإن أبناء طرابلس متصالحون مع انفسهم، ولا خلافات مطلقاً، هناك وجهات نظر في كيفية إيجاد مخارج انقاذية للوضع الحالي، وهذا أمر طبيعي في دولة ديموقراطية، الخلاف يكون حيث يكون هناك فريقان يحتكمان إلى السلاح لحل مشكلاتهم، نحن لم نصل إلى هذا الوضع ولن نصل إليه ابداً باذن الله.
٢. هل من الممكن العودة إلى الوراء بعد هذا للجرح في الذاكرة الطرابلسية وللتوقف عن تقاذف التهم.
نحن لا نريد العودة إلى الوراء، بل نريد التقدم إلى الأمام والجمع بين التاريخ والحداثة، اليوم الكل يعي عمق الأزمة في طرابلس، وكما يقولون المصيبة تجمع، كل الأفرقاء السياسيين في المدينة لديهم اقتناع كافٍ بضرورة حل الأزمة الاقتصادية، وإعادة إطلاق ورشة البناء والتحديث، ولكن هذا يتطلب استقراراً في العملية السياسية على مستوى مركزية الدولة، اليوم هناك حكومة تصريف أعمال منذ نحو ٤ اشهر، وهناك عُقَد موضوعة في عملية تأليف الحكومة أمام الرئيس المكلف، كيف يمكن مثلاً أن ننقذ البلد؟ إن لم تكن هناك حكومة مهمة دورها وضع إستراتيجية للخروج من سلة الأزمات في البلد وليس في طرابلس فحسب، هل ابن بيروت او ابن جبيل أفضل حالاً من ابن طرابلس او عكار، نحن اليوم أمام مشهد معقّد قد يقودنا إلى مشكلات كبيرة لا سمح الله، اذا استمر الوضع السياسي في وضعية “الستاتيكو” اي جمود ومراوحة، ونحن نرى ما يحدث في دول الجوار من التداعيات الخطيرة، نحن نخشى فعلياً أن يتم تداخل المشهد الداخلي مع المشهد الاقليمي، وهذا سيكون كارثياً علينا، نحن نريد حلولاً تساعدنا على استعادة مقررات مؤتمر سيدر، نريد أن تكون السياسة جزءاً من عملية التطوير والتحديث، وكما قلت لك “القلة تولّد النقار”، الحل الاقتصادي يساعدنا على الاستقرار، وطبعاً لا عودة إلى الوراء ولا مجال في ذلك، لا يوجد اليوم نزاعات مذهبية او طائفية في طرابلس، هناك فقط أزمة اقتصادية/اجتماعية لا تقتصر على مدينتنا بل موجودة اليوم على مساحة ال١٠٤٥٢ كلم٢، وأقول لك لـ”طرابلس ربٌ يحميها”.
٣. هل يمكن أن تشكل عملية البناء قاعدة مشتركة يبنى عليها نسيج اجتماعي.
النسيج الاجتماعي في طرابلس متماسك إلى أقصى الدرجات، هناك ترابط عائلي وروحي، وهناك احترام شديد بين مكونات الشعب الطرابلسي، لا فرق بين طرابلسي وطرابلسي الا بما يقدمه من خير للمدينة، أعتقد أن نقابة المهندسين في الشمال قامت خلال السنوات الأربع الماضية بعملية نهوض كبيرة وتوعية، واستضافت مؤتمرات اقتصادية وعلمية بهدف التنمية الشاملة والمستدامة؛ ليس على صعيد العاصمة الثانية فحسب بل على صعيد الشمال ككل، لكن وبكل أسف لم يحمل العام ٢٠٢٠ الخير للبنانيين، بل شهدنا تداعيات سلبية كثيرة بسبب الفساد والبيروقراطية الادارية، وغياب الإصلاحات الضرورية، اليوم لا يجب أن نفقد الأمل مطلقاً، لدينا في طرابلس موارد بشرية عالية الجودة، وهناك إرادات استثمارية من أبناء طرابلس ومن أجانب كثيرون زاروا مدينتنا، ولكن تعطل كل شيء في العام ٢٠٢٠، واليوم وكما خرجنا من أزمة الحرب الأهلية بإمكاننا أن ننهض من جديد كطائر الفينيق الذي انبعث من الرماد، طرابلس قوية بما يكفي لتنهض، وإن شاء الله ستكون هناك مبادرات انقاذية من ابنائها، ولا خوف ابداً على نسيجها الاجتماعي والعائلي والروحي.
٤. كيف يمكن اقناع هذا الفقير بالثورة السلمية طالما الدولة لا تنظر إلى طرابلس من عين لا مركزية. وتهمشها مطلبيا وانمائيا.
نعم هناك مركزية شديدة تسببت بجزء كبير من الازمات، وهذا ما جعل اقتصادنا هشاً، لقد تطرقت تقارير البنك الدولي إلى أزمة المركزية الشديدة وانعكاسها السلبي على النمو الاقتصادي في المناطق البعيدة عن نقطة المركز، نحن مؤمنون بفكرة النهوض الشامل والانماء المتوازن بين كل المناطق دون استثناء، نحن لا نريد أن نكون عبئاً على الدولة بل رافداً مالياً مهماً لخزينتها، وهذا بكل تأكيد لن يتحقق إلا من خلال مشاريع التنمية وتكريس فلسفة الإنماء المتوازن، طرابلس لديها مرافق حيوية وموقع جيوسياسي وجيواقتصادي مهم، بسبب موقعها الجغرافي، وهذا ما يؤكده كل الخبراء الاقتصاديين، للأسف طرابلس تم التعامل معها بتهميش كبير منذ الاستقلال إلى اليوم، ولكن خلال عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري تنفست المدينة الصعداء ولكن لم يكتب لهذا الأمر العمر الطويل مع الاغتيال الذي حصل، لنعود بعدها الى مرحلة من انعدام الاستقرار السياسي والامني، بدءا من حرب نهر البارد وجولات الاقتتال وغيرها، وشاهدنا تأثير الأزمة السورية علينا ومضاعفات النزوح السوري، وصولا إلى العام ٢٠٢٠، لقد تضافرت كل العوامل ضدنا، وطبعاً علينا ألّا نيأس ابداً.
اليوم الفقير مطالبه محقة، ونحن نلوم الدولة كونها تواجه بالأمن، المطلوب اليوم مواجهة بالاستثمار والأعمال والتدخل المالي والمشاريع المنتجة، وطبعاً ساعتئذٍ يمكنه التغيير من خلال صناديق الاقتراع، لكن هذا لن يحصل اذا لم تكن هناك سياسة عدالة اجتماعية تقوم بها دولتنا، الفقير من حقه أن يعبّر عن رأيه، من حقه أن يغير، ولكن ماذا سيقدم إليه التخريب والتدمير، في النهاية المؤسسات والإدارات ملك المواطن وليست ملك المسؤول، لماذا نخرّب بيوتنا بأيدينا، لا يجب أن نفقد أدوات التعبير السلمية، المهاتما غاندي جاء باستقلال الهند من خلال ثورة سلمية لاعنفية، لم يمنع تعدد العرقيات والاثنيات والتعدد الديني واللغوي في بلد المليارين من تحقيق مطالبه، واليوم الهند في عداد البلدان المتقدمة، كل ذلك بسبب سياسة اللاعنف التي اتبعها غاندي، هل نحن عاجزون في طرابلس من أن نبقى سلميين؟!