ككلِ عام في شهر أيلول، ترتفع صرخة الأهالي حيال أقساط المدارس الخاصة والتي ترتفع بوتيرة سنوية خصوصاً بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب في العام 2017.
تُشكّل القرطاسية والثياب التي تفرض المدارس شراءها عائقاً إضافياً أمام العائلات، مع كتب مُسعَّرة بالعملات الأجنبية (يورو) يتمّ تغييرها كل عام أو عامين وتتراوح كلفتها بين 300 ألف ليرة ومليون ليرة سنوياً. أمّا الثياب، فبالإضافة إلى شراء قطعتين من كل زي (للرياضة، سترات، قمصان…) تأتي النوعية الرديئة لتفرض تبديلها مرتين على الأقل سنوياً.ويطرح المعنيون، خصوصاً المسؤولين في الدولة، عن أسباب عدم وضع الأهالي لأولادهم في المدرسة الرسمية، إلا أن هؤلاء يعرفون كما الأهالي أن مُستوى المدرسة الرسمية تدنّى بشكل كبير مع إلغاء دور المعلمين حيث أصبح التعاقد يتمّ برغبة من أصحاب النفوذ بالدولة مع أساتذة لا يتمتّعون بالكفاءة التي كان يؤمّنها دور المعلمين.على كافة الأحوال، تُشكّل كلفة التعليم في المدارس والجامعات الخاصة عبئاً كبيراً على الأهالي. وإذا كان قسم من هؤلاء يحصلون على مساعدات من قبل الدولة (موظّفو القطاع العام) أو من بعض أرباب العمل (موظّفو القطاع الخاص)، إلا أن هذه المساعدات تبقى غير كافية للحفاظ على قدرة شرائية مقبولة لدى المواطن.يقول الباحث الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، لموقع mtv، إنّ “الإستثمار في التعليم في لبنان هو استثمار خاسر لأن لبنان يُخرّج طلابه ويُرسلهم إلى الخارج، وحتى لو أن المُغتربين اللبنانيين يُساهمون بـ 8 مليار دولار أميركي عبر تحاويلهم إلى لبنان، إلا أن الخسارة الإقتصادية نتيجة عدم إستخدام طاقاتهم في الماكينة الإقتصادية اللبنانية تبقى أعلى بكثير من هذا الرقم”.ويُضيف: “كلفة التعليم السنوية تفوق الـ 2.26 مليار دولار أميركي في المدارس الخاصة، أمّا في الجامعات، فتبلغ هذه الكلفة 1.62 مليار دولار أميركي أي ما مجموعه 3.88 مليار دولار أميركي. وإذا ما قسّمنا هذه الكلفة على عدد المدارس الخاصة وعلى عدد الجامعات الخاصة، نجد أن مُعدّل عائدات المدرسة الواحدة يفوق الـ 2.13 مليون دولار أميركي ومُعدّل عائدات الجامعة الواحدة 32.4 مليون دولار”.
هذه الأرقام الخيالية يعزوها عجاقة إلى “ضعف الثقة بالمدرسة الرسمية التي فقدت مكانتها التي كانت تتمتّع بها في ستينات وسبعينات القرن الماضي حين كان حامل شهادة الـ Certificat يُعامل بإحترام في سوق العمل”.ويُتابع: “ضعف اللغات في المدرسة الرسمية هو عائق أساسي أمام تقدّمها وهذه النقطة هي نقطة ضعف المدرسة الرسمية بالدرجة الأولى”.وعن الحلول المطروحة، يرى عجاقة أنّ “الأمر كلّه في يد السلطة التنفيذية التي يتوجّب عليها القيام بإصلاحات جذرية في المدرسة الرسمية مما يسمح للأهل بنقل أولادهم إليها وما حالة أذربيجيان في تسعينات القرن الماضي إلا خير مثال على ذلك. لكن المُحاصصات تمنّع هذا الأمر وبالتالي نرى أن لا حلّ في المدى المنظور حيث سيبقى الوضع على ما هو عليه على الرغم من صرخة الأهل ومواكبة وسائل الإعلام لهم”.
ومن المعروف أن الدوّل تدعم إقتصاداتها من خلال تصدير البضائع والخدمات التي تُستخدم لقياس قوّة إقتصاد البلدان. إلاّ أنه من الواضح أن الدولة اللبنانية اختارت تصدير شبابها المُتعلّم بدل تقوية الإقتصاد لاستيعاب الشباب وتأمين مُستقبل كريم لهم.
المصدر : ام تي في