على قاعدة “الاستشعار المسبق” لرادارات زعيم المختارة… أتت تغريدته بالأمس لتنذر من “شهوة مدام فساد” المفتوحة على مزيد من “الصفقات العائمة”. ففي خضمّ انشغال الساحة الداخلية بترصّد ما في جعبة مساعد وزير الخزانة الأميركية مارشال بللينغسلي الذي وصل مساءً إلى بيروت، اتجهت بوصلة الأنظار خلال نهاية الأسبوع نحو ملف استقدام بواخر كهربائية جديدة تحت وطأة ما يختزن هذا الملف من شبهات تحوم وصفقات تعوم على عوْم هذه البواخر، وقد أضحى وجودها على ما يبدو بمثابة الوصاية الكهربائية “الشرعية والضرورية والموقتة” في ظل التسويف المتعمّد الذي تعتمده “المدام” للحل المستدام… بدايةً من تسويق البواخر كحل موقت لعامين، مروراً بتمديد خدماتها إلى 3 سنوات أخرى وبعدها 3 سنوات إضافية، وصولاً إلى يومنا هذا حيث طال أمد الموقت إلى ما يقارب 9 سنوات دونما أيّ تقدم ملموس على أرض المعامل. فبالرغم من كل التحذيرات الدولية والمطالبات الإصلاحية بضرورة الانتهاء من معالجة ملف الكهرباء بأكبر قدر من الشفافية المطلوبة، يتوقع أحد الوزراء المطلعين عن كثب على الملف بأن تكون البلاد في الأيام المقبلة “أمام سيناريو خلافي جديد عنوانه بواخر الكهرباء”. وإذ من المقرر أن تلتئم لجنة الكهرباء الوزارية اليوم في السراي الكبير برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري قبيل اجتماع مجلس الوزراء لدرس مشروع موازنة 2020، يكشف الوزير المطلع لـ”نداء الوطن” أنّ اجتماع اللجنة سيناقش مشروع “الحل الموقت” الذي قدمته وزيرة الطاقة ندى البستاني، والذي ”حيكت صياغته بشكل يجعل من البواخر خياراً موقتاً وحيداً لا بديل عنه”. وأوضح أنّ “البنود الواردة في المشروع تبدو وكأنها تضع المجتمعين اللبناني والدولي على حد سواء أمام أمر واقع وهو استقدام معامل كهرباء عائمة للحل الموقت”، بمعنى القول للداخل والخارج: تريدون تغذية إضافية ورفع التعرفة خلال الأشهر القليلة المقبلة فليس أمامكم سوى بواخر الكهرباء.وبحسب المعلومات المتوافرة لـ”نداء الوطن”، فإن المطروح هو الإتيان ببواخر كهرباء إضافية وتكبير حجم الموجودة، وسط معطيات تتردد عن كون القيّمين على الشركات مالكة البواخر باتوا على علم مُسبق بما سيقرره الجانب اللبناني في هذا المضمار، بما يوحي وكأنّ اتفاقات جرت من “تحت الطاولة” من دون أي اعتبار لا للوعود الإصلاحية ولا للرقابة الدولية المواكبة لها. وعن موجبات المرحلتين الموقتة والدائمة لملف الكهرباء، كشف مصدر مشارك في لجان الكهرباء لـ”نداء الوطن” أنّ الاتفاق كان سابقاً يقضي بأن تُدمج المرحلتان في سلة واحدة، بحيث يكون على المتعهد الذي ترسو عليه مناقصة بناء المعمل الدائم لإنتاج الطاقة أن يأخذ على عاتقه تأمين الكهرباء في الفترة الانتقالية الموقتة والتي قد تكون أيضاً عبر البواخر لكن على سبيل الخيار لا الحصر. أما اليوم، فإنّ المطروح هو الالتفاف على هذا المنطق باتجاه فرض البواخر كخيار وحيد تحت طائل اتهام المعارضين بعرقلة الحلول، في ظل رفض أكثر من فريق سياسي لاستقدام مزيد من البواخر، وفي مقدمهم “الاشتراكي” و”حركة أمل” و”القوات” و”الكتائب” ليس لسبب سوى لغياب الشفافية، سيّما وأنّ مشكلة البواخر تتمحور، بالإضافة إلى روائح “الكوميسيون” التي تفوح منها، حول عدم إمكانية مراقبتها ولا مراقبة الفيول الذي تستخدمه ولا الكمية التي تنتجها من الطاقة لمطابقتها مع كلفة الإنتاج. وبينما تنقل مصادر واسعة الاطلاع عن المسؤولين الفرنسيين المواكبين لمقتضيات إصلاحات “سيدر”، اهتمامهم البالغ بضرورة معالجة أزمة الكهرباء، فضلاً عن تأكيد التقرير الأخير الصادر عن صندوق النقد الدولي في 14 الجاري على عدم وجود حل للمالية العامة في لبنان إلا بحل معضلة عجز الكهرباء، لفتت المصادر إلى أنّ “الجانب الفرنسي يشدد بشكل واضح على أنّ دخول مؤتمر “سيدر” مراحله التنفيذية مرهون بشكل أساس بإنجاز الإصلاحات البنيوية المطلوبة، كاشفةً أنّ الفرنسيين قلقون من حجم الفساد والصفقات التي تحصل في لبنان إلى درجة أنهم أعدوا لائحة بأسماء المنتفعين جراء هذه الصفقات والمعرقلين لعجلة الإصلاح، وهم يراهنون في المقابل على أن تبادر الحكومة اللبنانية برئاسة الحريري إلى اتخاذ خطوات جريئة وسريعة للاستفادة من المشاريع الاستثمارية والإنمائية الموعودة”.
المصدر : نداء الوطن