ما زال لقاء المصارحة – المصالحة بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان الذي حصل في القصر الجمهوري يوم الجمعة الفائت برعاية الرئيس العماد ميشال عون ومشاركة رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري يحتل المرتبة الأولى بين التحليلات السياسية الداخلية ولا سيما لجهة النتائج الإيجابية التي حققها هذا اللقاء على صعيد تعزيز مصالحة الجبل التاريخية التي رعاها البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والتي أدت الي طي صفحة الحرب الأهلية المدمرة، وأعادت اللحمة إلى الجبل بين الدروز والمسيحيين.
لا أحد يستطيع أن ينكر أن اللقاء الخماسي الذي عقد في القصر الجمهوري قد أنهى الخلاف الدرزي – الدرزي الذي فجرته حادثة البساتين التي جاءت نتيجة للاستفزازات التي دأب عليها وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وأعاد الهدوء إلى الجبل، إلا أن غياب رئيس التيار البرتقالي المعني الأول بهذه المصالحة – المصارحة عن اللقاء واستناداً الى ما صرّح به رئيس الجمهورية قبل أقل من ثلاثة أيام على اللقاء من أن المستهدف من الكمين الاشتراكي الدرزي كان الوزير باسيل وليس الوزير الدرزي صالح الغريب ما معناه أن المشكلة في الجبل هي بين الدروز والمسيحيين وليست مشكلة درزية – درزية كما يدّعي رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان وبالتالي فإن لقاء المصالحة – المصارحة يجب أن يتم بين جنبلاط وباسيل أو على الأقل كان يفترض أن يُشارك فيه رئيس التيار البرتقالي، وقد ترك غيابه عنه، تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة وخصوصاً بعد ان تلازم ذلك مع غيابه أيضاً عن جلسة مجلس الوزراء التي عقدت برئاسة رئيس الجمهورية لتكريس هذه المصالحة الدرزية – الدرزية إذا صح التعبير، وتحريك عجلة الحكومة المتوقفة منذ وقوع حادثة البساتين قبل أكثر من أربعين يوماً، وفي مقدمة هذه التساؤلات وعلامات الاستفهام ما يثار في الكواليس من همس وغمز ولمز حول مدى ما يُمكن أن يتركه اللقاء الخماسي الذي عقد في القصر من تأثير إيجابي على العلاقات الدرزية – المسيحية في الجبل أم أن الأزمة ما زالت موجودة وتتفاعل سلباً بين الاثنين بانتظار عقد لقاء مصالحة ومصارحة بين جنبلاط وباسيل بشكّل يعيد الاعتبار للمصالحة التاريخية التي تمت في العام 2001 وساهمت بشكل كبير في إعادة المسيحيين إلى الجبل بعزة وكرامة.
هذا السؤال سيبقى مطروحاً بالرغم من أن المصالحة الدرزية – الدرزية أدت إلى حل عقدة تعطيل الحكومة وأدت إلى استئناف الحياة السياسية بحركتها الطبيعية تأسيساً على هذه المصالحة، الأمر الذي من شأنه أن يبدد المخاوف التي انتابت اللبنانيين بعد التصعيد السياسي الذي اعقب حادثة البساتين والذي وصل إلى حدود تذكيرهم بالحرب الأهلية المشؤومة التي نحرت الجبل وأنهت مرحلة طويلة من التسامح والتفاهم والتعاون والتعايش بين المسيحيين والدروز، ويعيد الاعتبار لتلك المصالحة التاريخية التي تمت قبل حوالى عشرين سنة، فهل يحصل مثل هذا اللقاء، قبل حصول لقاء المختارة التاريخي الجديد الذي يحضِّر حالياً له بين الزعيمين وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع؟