ما يشهده لبنان من أقصاه إلى أقصاه من نزول احتجاجيّ إلى الشارع، ومن قطع طرق وحرق دواليب ومواقف شعبيّة تغطّيها وسائل الإعلام على تنوّعها يتّهم أصحابها الحكومة بالفشل والعجز والفساد وإهمال مصالح المواطنين، ويدعون إلى رحيلها أو ترحيلها كان متوقّعاً منذ مدّة غير قصيرة. ذلك أنّها لم تقصِّر في تخييب آمال الناس الذين كانوا يظنّون، وإن مع شكّ مزمن جرّاء التجارب الحكوميّة الكثيرة الفاشلة في السابق، أنّها ستُعالج المشكلات التي يعانون وتجد الحلول لها. لكنّها لم تفعل. فمشكلة النفايات ظهرت بحدّة وقوّة أيّام حكومة الرئيس تمّام سلام وأنزلت الناس إلى الشارع وإن من دون خطّة واضحة مُنسّقة، لكن تمّ حلّها بمسكّنات موقّتة المفعول. وقد برزت من جديد مع الحكومة الحاليّة وتفاقمت وشملت لبنان كلّه. وتلوّث المياه السطحيّة والجوفيّة والنهريّة والبحريّة بلغ مستويات غير مسبوقة عالميّاً ليس فقط بفعل النفايات بل بفعل غياب الصرف الصحّي، واستسهال تحويل النفايات البشريّة إلى الأنهار والوديان والبحر ومعها النفايات الصناعيّة. وما كان ذلك ممكناً لولا جهل الحكومة ولولا تطنيش بعض أعضائها وإغماض عيون بعضهم الآخر وتواطؤ بعضهم…
المصدر : سركيس نعوم النهار