راى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ان الاصلاح لا يتم بين ليلة وضحاها وهو مسيرة مستمرة وعملية تتطلب وقتا وجهدا وتوافقا سياسيا حولها، لافتا الى “اننا نعمل اليوم للنهوض باقتصادنا ومؤسساتنا لاستعادة الثقة ، ثقة المواطن بالدولة وثقة القطاع الخاص بالدولة وثقة المجتمع الدولي بلبنان، واستعادة هذه الثقة لا يمكن ان تتم دون وضع اسس شفافة لعملنا واطلاع الراي العام على الموازنة العامة امر مهم لتعزيز هذه الثقة”.
كلام الرئيس الحريري جاء خلال رعايته بعد ظهر اليوم حفل اطلاق “موازنة المواطنة والمواطن للعام 2019 ” في معهد باسل فليحان المالي في حضور نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني ووزير المال علي حسن خليل وشخصيات.
وخاطب الرئيس الحريري الحضور وقال: انا مسرور جدا بوجودي معكم اليوم في معهد باسل فليحان المالي، لمناسبة اطلاق موازنة المواطنة والمواطن للعام 2019 للسنة الثانية على التوالي.
خلال السنوات الثلاث الاخيرة خطونا خطوات مهمة في اعادة الانتظام للمالية العامة،من خلال اقرار 3 موازنات على التوالي بعد انقطاع دام 12 عاما ، وكما ان اقرار الموازنة بحد ذاته أمر أساسي،الا انه من المهم أيضاً هو اقرارها ضمن المهل الدستورية وهذا ما سنقوم به هذا العام ونحن ملتزمون باقرار موازنة العام 2020 ضمن المهل الدستورية .
اتيت اليوم لاكلمكم بصراحة، وكما تعلمون جميعا فاننا نمرّ بوضع دقيق جداً، ولا نملك ترف اضاعة الوقت، والكل يدرك انه علينا اتخاذ قرارات صعبة في المرحلة المقبلة كما قال وزير المالية علي حسن خليل.
ولاكون صريحا أكثر معكم، فان كلفة الاصلاح وكلفة القرارات التي يجب اتخاذها اليوم أقل بكثير من كلفة ادارة الازمة اذا حصلت،وخاصةً اذا خرجت هذه الأزمة عن السيطرة.
اليوم لا يزال امامنا مجال لمعالجة المشاكل التي نواجهها. التحديات أمامنا واضحة والحلول معروفة، وقد أكدنا عليها في الرؤية التي طرحناها في مؤتمر سيدر وفي البيان الوزاري وفي لقاء بعبدا الأخير. المهم اليوم أن ننتقل لمرحلة التنفيذ وان لا نضيع المزيد من الوقت.
ورشة الاصلاح التي أمامنا كبيرة ومهمة، وأنا حريص ان يكون الجميع مشاركا فيها، من قطاع عام بمختلف اداراته ومؤسساته، وقطاع خاص، ومجتمع مدني، وذلك من خلال حوار اقتصادي واجتماعي جدي وبنَاء. وهذا الحوار يجب ان يكون داخل مؤسسات الدولة بين مختلف الادارات، وبين الدولة والقطاع الخاص، وبين الدولة والمجتمع المدني. ونحن حريصون على هذا الامر، وهنا اود ان اوجه تحية الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي الحاضر دائما لخلق هذا الحوار الجدي .
ونحن ايضا حريصون على حوار دائم مع المجتمع الدولي حول التحديات التي يواجهها لبنان وكيفية الخروج منها، وهذا ما أكدنا عليه في مؤتمر سيدر من خلال آلية متابعة شفافة ومتينة.
اضاف:كما تعلمون فان الاصلاح لا يتم بين ليلة وضحاها، فهو هو مسيرة مستمرة وعملية تتطلب الوقت والجهد.ولكي ينجح الاصلاح ويكون مستداما، علينا ان نؤمن التوافق السياسي حوله وان تواكبه ادارات ومؤسسات عامة فعالة منتجة عصرية وحديثة. لذلك فان المطلوب من الادارات والمؤسسات العامة كافة الاستنفار لمواكبة هذه الورشة وانا كلي ثقة بان لدينا ما يكفي من قدرات في القطاع العام للنهوض باقتصاد ومؤسسات لبنان.
اننا نعمل اليوم للنهوض باقتصادنا ومؤسساتنا لاستعادة الثقة، ثقة المواطن بالدولة وثقة القطاع الخاص بالدولة وثقة المجتمع الدولي بلبنان، واستعادة الثقة لا يمكن ان تتم دون وضع اسس شفافة لعملنا، وما يقوم به معهد باسل فيحان من خلال اطلاق موازنة “المواطِنة والمواطن” يصب في هذا الاتجاه. لانه من المهم جدا ان نسلط الضؤ على الارقام كما هي وبشكل شفاف، ليعرف المواطن حقيقة الوضع المالي للدولة، وما هي الايرادات التي تحصّلها وكيف تصرف وعلى اية قطاعات. وليعرف المواطن ايضا لماذا يزداد العجز، ولماذا يرتفع الدين العام ، ولماذا علينا اتخاذ الاجراءات التي نتخذها اليوم.
ومن ناحية ثانية ان اطلاع الرأي العام على الموازنة العامة امر مهم لأن الموازنة تترجم سياسة وتوجهات الحكومة لسنة كاملة وهذا امر أساسي لتعزيز وتكريس مبدأ المحاسبة والمساءلة وليرى المواطن بشكل خاص، ما الذي يتم تطبيقه من بنود الموازنة وما لا يتم تطبيقه ويسائل الحكومة على هذا الأساس، وليس على الاساس الخيالي الذي نسمعه من بعض السياسيين . فهذا مستند يشرح للمواطن كل ما تقوم به وزارة المالية والدولة وهو امر يساعدنا على استعادة الثقة.
هذا الامر الذي يجب ان نعتاد عليه في لبنان من الان وصاعدا، فنحن لسنا معتادين على هذه الشفافية واسلوب العمل، والتعاون بين المؤسسات وبين الدولة والمواطن، وهذا ما نطمح اليه.
هذه المعادلة هي التي يجب ان تحكم عملنا وعمل اداراتنا في المرحلة المقبلة، لأنه في غياب عنصر من هذه العناصر الثلاثة، لا يمكن ان يكون لدينا دولة قوية ولا مؤسسات قوية.
وفي الختام اود ان اشكر حضوركم جميعا واحيي الجهود التي تبذلها وزارة المالية ، وأنا ادرك حجم الضغط عليكم هذه الفترة،. كما احيي القيمين على هذا المعهد: السيدة لميا المبيض بساط وكل فريق العمل الذي معظمه من السيدات. واريد ان اقول ان المعهد المالي لا يحمل بالصدفة اسم الشهيد باسل فليحان،هذا الشاب اللبناني الطموح الذي جاء من بلاد الاغتراب ليساهم في خدمة وتطوير بلده، وكان علامة فارقة في كل المراكز التي تبوأها، وترك وراءه انجازات وبصمات واضحة. وأنا متاكد أن معهد باسل فليحان سيكون على خطى باسل،وسيواكبنا في ورشتنا الاصلاحية القادمة.
كما اود ان اشكر وزير المالية الذي من خلال اسلوبه المميز في العمل اعطى دفعا لهذا المعهد ليحقق انجازات ويقوم بالعمل المطلوب منه ونحن علينا ان نكمل هذا العمل الكبير واشكر جميع القيمين على هذا المعهد.