هاتفني مستغرباً : أنت الوحيد الذي إستخدمت أمس تعبير «سياسة دفاعية»، بدل المصطلح الشائع منذ سنوات: «الإستراتيجية الدفاعية»! وأردف ممازحاً: هل وصل موسم التخفيض إلى مثل هذه القضايا المصيرية!!
قلت له: هل بقي شيء يا صاحبي من معاني أو رموز الإستراتيجية، في ظل هذا العجز المتمادي للدولة في وضع الصيغة المطلوبة للإستراتيجية الدفاعية.
الواقع أن الحديث عن الحاجة الملحة لإقرار إستراتيجية دفاعية يتجدد مع كل عدوان إسرائيلي على لبنان، كما في كل جولة لطاولات الحوار، التي غالباً ما تنتهي بلا نتيجة، بعد إشباع هذا الموضوع علكاً للكلام والنظريات، بإستثناء المرة الوحيدة التي حصل فيها إجماع في أحد إجتماعات الحوار في قصر بعبدا برئاسة الرئيس السابق ميشال سليمان، من خلال التوافق على إعلان بعبدا، الذي سرعان ما أعلن حزب الله تراجعه عن توقيعه عليه، وإعتبار هذا الإنجاز التاريخي لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب فيه!
اليوم شارفت السنة الثالثة من العهد الحالي على الإنتهاء دون أن تُعقد طاولة حوار واحدة في بعبدا، حيث غاب مع الحوار الحديث عن الإستراتيجية الدفاعية، وطويت كل المشاريع التي تقدمت بها مختلف الأطراف السياسية، بما فيها حزب الله، وكأن المسألة أصبحت من نوع «لزوم ما لا يلزم»!
وكلام الرئيس ميشال عون عن أن معطيات وظروف الإستراتيجية الدفاعية تغيرت عما كانت عليه قبل سنوات، يعتبر إشارة واضحة لسقوط الإستراتيجية الدفاعية من خطط العهد، الأمر الذي يدفعنا إلى الإكتفاء بحديث متواضع عن سياسة دفاعية، يخجل أهل الحكم من طرح البحث فيها، تفادياً لإحراجات وحسابات لا تمت إلى السيادة الوطنية بصلة.
ما نفع الكلام عن إستراتيجية غير قادرين على تحقيقها، في زمن العجز الرسمي والتخبط السياسي والإرباك الحزبي؟
اللواء