Loading

wait a moment

No data available!

صدمة أولى “ثقيلة” للخُطّة الحكومية.. وترقّب

كتبت “النهار”:لم يكن غريباً أن تثير الخطة المالية والاقتصادية التي أقرتها الحكومة في “يوم ‏تاريخي” أصداء متفاوتة وردود فعل مختلفة في قابل الأيام . ولكن أبرز التطورات اللافتة التي ‏أعقبت هذه الخطوة تمثل بموقف بارز وبالغ الأهمية لجمعية المصارف التي سارعت مساء أمس ‏أي بعد 24 ساعة فقط من إقرار الخطة في مجلس الوزراء إلى إعلان موقف اتسم بأهمية ‏استثنائية لجهة رفض هذه الخطة وتفنيدها من منطلق السلبيات والأخطار التي تتضمنها بل أن ‏موقفها بلغ ذروة التحذير والرفض حين طالبت الجمعية نواب الأمة برد الخطة ومحاسبة من ‏وضعها . ‏

واتخذ هذا التطور بعداً دقيقاً وجدياً للغاية لكون جمعية المصارف لم تحصر ردها السريع على ‏الخطة بتفنيد الأخطار والسلبيات التي تتضمنها على المصارف والمودعين فحسب بل لأنها سبقت ‏سائر القوى السياسية والحزبية والفعاليات الاقتصادية والمالية الأخرى في تحديد موقف يصعب ‏جداً على السلطة كما على سائر القوى والفعاليات تجاهل خطورته لدى مراجعتها لهذه الخطة ‏وتحديد مواقفها منها. ومع أن كتلة المستقبل لم تحدد موقفها التفصيلي بعد من الخطة فإن بيانها ‏أمس وانتقاداتها العنيفة لرئيسي الجمهورية والحكومة رسمت بدورها سقفا ليس لمصلحة الخطة ‏الحكومية بما يعني أنه من اليوم وحتى الأربعاء المقبل موعد اللقاء الذي دعا إليه رئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون رؤساء الكتل النيابية لاطلاعها على الخطة والوقوف على مواقفهم ‏منها ستكون لوحة الموقف الداخلي بمعظم مكوناته قد اكتملت .‏

إذن يمكن وصف البيان الذي أصدرته جمعية المصارف مساء أمس بأنه الصدمة الأولى الأشد ‏حدة للخطة الحكومية التي كشفت الجمعية أنها كانت “انفرادية ولم تتم استشارة الجمعية أو ‏إشراكها فيها مع أن الجمعية هي جزء أساسي من أي حل”. وفي تفنيدها للخطة حذرت الجمعية ‏من أن “عملية إعادة الهيكلة المحلية كما وردت فيها من شأنها الإمعان في تقويض الثقة بلبنان ‏محلياً ودولياً”.‏

ولفتت إلى النهج العقابي والانحياز الذي يبرز فيها على حساب المصارف إلى ملاحظات كثيرة ‏أخرى. وأخطر ما تضمنه بيان الجمعية برز في ختام البيان إذ اعتبرت أن الخطة تحمل ‏‏”توجهات تصب في تشريع دولة اللاقانون ونأمل من ممثلي الأمة ردها ومحاسبة من تجرأ على ‏صياغتها لتعديه على الأسس القانونية والدستورية التي قامت عليها الدولة اللبنانية”.‏

في أي حال لا تعتقد الأوساط المعنية برصد الاصداء التي تراقبها الحكومة على خطتها بأن بلورة ‏هذه الأصداء ستكون متاحة بسرعة على المستوى الخارجي خلافاً للأصداء الداخلية التي يتوقع ‏أن تتبلور تباعاً في الساعات والأيام القليلة المقبلة وعشية لقاء بعبدا الأربعاء المقبل . فرئيس ‏الحكومة حسان دياب إمعاناً منه في إظهار حجم الرهان على الخطة سارع أمس بالذات إلى ‏التوقيع مع وزير المال غازي وزني على الكتاب الرسمي لطلب مساعدة صندوق النقد الدولي ‏للبنان واصفاً الخطوة تكراراً بأنها “لحظة مفصلية في تاريخ لبنان “. ‏

وإذ بدأ من البارحة رصد اتجاهات زعماء الأحزاب والكتل النيابية من حضور “لقاء بعبدا” ‏والمواقف التي ستتخذ من الخطة فإن الموقف التي اتخذته كتلة المستقبل أمس لا يوحي بإيجابيات ‏واعدة كما أن الموقف الآخر الذي أعلنه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وإن اتسم ‏بتمايزه المستمر في موقفه عن قوى المعارضة الأخرى فانه لم يَصْب في حصيلته لمصلحة ‏الخطة. ‏

وكانت كتلة المستقبل قد دعت “حكومة العهد” إلى “الكف عن ترداد معزوفة الثلاثين عاماُ وتحمل ‏مسؤولية تنفيذ ما اقترحته من حلول في خطتها”. وأوضحت أن الخطة ستكون في دائرة الدرس ‏والرصد تحت سقف النظام الاقتصادي الحر وتأمين مصالح اللبنانيين” كما لفتت رئيسي ‏الجمهورية والحكومة إلى “ضرورة قراءة التاريخ القريب”، مشيرة إلى تناسيهما الخطط ‏الاقتصادية التي أقرت في مؤتمرات باريس ١و٢ و٣ ومؤتمر سيدر. وقالت إن “اللبنانيين ملوا ‏من إخفاقات هذا العهد بقدر ما ملوا من أيامه التاريخية واعتباره أن التاريخ يبدأ به وينتهي معه ‏وشبعوا من دونكيشوتية أزلامه”.‏

أما جعجع فانتقد مجددا “الثلاثي غير المرح والذي استمر متحكماً برقاب السلطة فلا أمل بأي ‏إصلاح ولا بأي خطة إنقاذية فعلية”. واستغرب كلام رئيس الجمهورية عن إنجاز تاريخي لافتاً ‏إلى أن الخطة تضمنت ما ورد في بيانات وزارية سابقة ومقاربات سمعناها من خبراء ‏اقتصاديين وهي ليست سوى تصورات ووعود وتمنيات “. ولكن جعجع قال أن لا مشكلة للقوات ‏مع الحكومة ولم يجد مشكلة دستورية في لقاء قصر بعبدا الأربعاء.‏

أما في الأصداء الخارجية فكان الموقف الفرنسي سبّاقاً إذ أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية ‏بياناً اعتبرت فيه تبني الحكومة اللبنانية خطة اقتصادية وقرارها طلب برنامج صندوق النقد ‏الدولي “قرارات مهمة لإيجاد حل للأزمة الكبرى التي تواجهها البلاد”. وشددت على أنه “من ‏الملح الآن أن يتم تنفيذ الإصلاحات الضرورية لانتعاش البلاد”.‏

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *