رصد انا والخبر – خالد الرفاعي
أشار النائب الدكتور علي درويش خلال مقابلة له على تلفزيون لبنان ضمن برنامج “لبنان اليوم” مع الإعلامي بيار البايع “أن الأزمة التي يشهدها لبنان متراكمة ومتعدّدة الجوانب، فهي ليست أزمة مصرفية بقدر ما هي أزمة تراكم على المستوى الاقتصادي، الائتماني، البنية التحتية وتراكم الدين والعجز لدى الدولة، التي وصلت الى ذروة التوسّع حتى ظهرت على مستوى ندرة السيولة والعملة الأجنبية الموجودة في المصارف، خصوصا أنه ليس لديهم توجّه عام لكيفية التعامل مع هذه الأزمة وهذا الأمر يتطلّب خطة من الحكومة الجديدة واتخاذ تدابير من خلال لقاءات مع المؤسسات الدولية والجهات المانحة والسفارات الخارجية للوصول الى مرحلة جديدة تخفّف من التحديات المالية، وتوضح الرؤية الاقتصادية للجميع التي تضمن ودائع المواطنين، ووضع خارطة طريق واضحة المعالم من بعد الوصول الى اتفاق سياسي الذي هو أساس المشكلة اليوم قبل الاقتصاد.”
وأكد على ضرورة وضع الطريق الصحيح لحلّ الأزمة من خلال تخفيض العجز، تمويل القطاع العام من خلال تأمين سيولة للدولة من الجهات المانحة، والعمل بجدّية وشفافية عبر تحديد المسؤوليات خصوصاً أن الناس لم تعد تثق بالطبقة السياسية والمالية الحالية.
وعن ملف الكهرباء، قال درويش: “لدينا مؤسسات دستورية ولديها مسؤولياتها، والحكومة اللبنانية يجب أن تأخذ قراراً لإدارتها بموضوعية، عملية، واقتصادية بحت. بالتالي يوجد جهات ممكن أن تمنحنا قدرة اقتصادية معيّنة إن كان على مستوى ملف الكهرباء أو غيره من الملفات الانمائية الأساسية، علماً أن لبنان لا يحتمل أن يكون ضمن اصطفافات عنيفة لأنها تؤثّر سلباً عليه.”
وأضاف: “لبنان لديه علاقات عضوية مع أوروبا، الدول العربية، ايران وأميركا، وكلّ ما نحتاجه الى كيفية وضع توازن ما بين هذه العلاقات اما الصدام الذي يؤدي الى الشروخ الاقليمية فيحتاج الى الإدارة اللبنانية المحلية لها وأن تصدر قرارات أساسية تراعي المصلحة الوطنية العليا تحت أي ظرف وعدم التوافق على حساب البلد مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي وصلت اليها البلاد من بعد 17 تشرين.”
وعن الموقف من الحكومة الحالية، أوضح درويش: “يوجد تواصل مع الوزراء في الحكومة، سبق وذكرت أننا صيغة تعاون وليس صراع، تغيبنا عن الجلسة بسبب اعتراض الشارع عليها، وهذا لا يمنع أنه يوجد توجّه بالتعاون وبالتالي هذه حكومة لبنان إنّما مطلوب منها الكثير ضمن فترة زمنية محدّدة وأية مواضيع ايجابية ستظهر لاحقاً. فالمنطق يقول أن نعطي فرصة للحكومة وهي تحت مجخر كبير داخلياً وخارجياً واقليمياً، وعلى عاتقها مسؤولية كبيرة من خلال القرارات التي ستقدم عليها، وبالنسبة لنا أخذنا ككتلة عدة مبادرات للخروج من الأزمة عرضناها في المجلس النيابي.”
وعن دفع سندات “اليوربوند” قال درويش: “يوجد عقد ما بين الدولة اللبناني التي أصدرت السندات وبين مشتري هذه السندات ولدى الجهتين حقوق وواجبات، وفي حال الخلل بآداء هذه الواجبات سيكون لها تبعات؛ وبالتالي فإن قرار دفع استحقاق السندات أو عدمه مناط بالعقد القائم بين الطرفين والذي يحدّد القرار بعد دراسته بتفصيل ودقة، وهناك تشاور بين الصيغة القانونية الداخلية اللبنانية لدرس العقود والتفاوض مع مالكي الاسهم لاعادة جدولتها مع أننا لا نملك وقت بل فترة زمنية قصيرة جدا.
أما شخصيا أرى ان عملية التأجيل هي الأفضل والأنسب في هذه المرحلة للحفاظ على نسبة سيولة في الخزينة، والعمل على إعادة الهيكلة على مستوى الصرف والدخل وكيفية تأمين مداخيل للدولة وتسديد مستحقاتها لاحقاً.”
وأضاف درويش: “الصيغة التي يُدار فيها البلد غير قابلة للاستمرار، الصيغة كانت خاطئة وقائمة على عملية تحاصصية، ويوجد متورطين في الفساد وهنا دور القضاء لأخذ دوره، وما طرحه وزير الداخلية يعدّ خطوة ايجابية عبر رفعه الغطاء عن أي مسؤول ضمن منصب تابع للوزارة تثبت إدانته بالفساد ليحاكم أمام القضاء، من هنا على الحكومة التوجه الى محاربة الفساد ومحاسبة كلّ من يتبع لوزارته، ما يغيّر انطباع الناس عنها، خصوصاً أن الإدارة اللبنانية أصبح لديها ترهل وتحتاج الى جرعات من الصدمات لتخفيض منسوب الفساد، واتخاذ تدابير اصلاحية لخفض التشوّه الحاصل فيها والعمل في المسار الصحيح. وفي مرحلة ثانية العمل على تنقية الجسم الإداري بالدولة اللبنانية من الفاسدين، والاعتماد على أصحاب الكفاءة ودفعهم الى الأمام لتحمّل المسؤولية خصوصا في الدوائر التي تتعاطى مع الناس مباشرة، للسير في الاتجاه الصحيح بعيداً عن الفساد.”
وعن تحركات الناس المحقة، قال: “سبق وذكرنا أن الثورة موجودة في البيوت والقلوب، لأنها نتيجة نقمة على الواقع، حاليا قطعنا مرحلة حوالي 3 أشهر فصلت النقمة اللبنانية عن الطبقة السياسية، ومنها عن الفساد الموجود ضمن صيغة تراكمية، وعلى الطائفية التي غطّت الفساد من خلال تقاسم الحصص. والناس تنتظر الصدمات الايجابية، وأعتقد أنه مع الوقت ستظهر شخصيات قيادية تمثّل الثورة وخاصّة اذا كانت شخصيات متوازنة وخلفياتها نظيفة، وبالاضافة الى المنهجية القائمة التي تحدّد العثرات والعمل على إزالتها وخاصة الشعارات الطائفية والمناطقية الغير مرغوبة، والحفاظ على توازنها من خلال المطالب المحقّة للناس.”
وأضاف: “أعلن الرئيس نجيب ميقاتي خلال مؤتمر صحافي في المجلس النيابي لكتلة الوسط المستقل على ضرورة إجراء انتخابات نيابية مبكّرة لإستعادة ثقة الشعب بممثليه من النواب، وقدّمنا إقتراح قانون يقضي بتقسيم لبنان الى خمسة دوائر ومحافظات كبيرة، والعمل على أن يكون وجود 30% للعنصر النسائي، بالإضافة الى صوتين تفضيليين واعتبرنا هذا القانون متقدّم الى حدّ ما ويحافظ على النسبية، بالتالي اللوائح التي تأخذ أعلى نسبة تصويت تعطي هامش للناخب أن يعطي صوتين تفضيليين.
وهذا الطرح ممكن أن يخرجنا من الأزمة بشكل متوازن ولتجديد ثقة الناس، وفي الكتلة نمثّل صيغة انفتاح وصيغة اقتصادية.”
وعن الثورة في طرابلس، أكد درويش “أن هذه الثورة عليها أن تحتضن اللبنانيين وعدم الانجرار الى التفلّت الذي يحسب ضدّها مع الالتزام بالقوانين، وعدم الخوض بأيّة مسار عنفي بغض النظر عن الخلفيات السياسية.”
وعن كهرباء قاديشا أوضح: “أن أية مؤسسة في الدولة اللبنانية من المؤسسات العامّة فيها حجم من الفساد، ونحتاج الى اطلاق يد القضاء بشكل شفاف او تولي شركات دولية للتدقيق لحسابات هذه المؤسسات في حال لم يوجد ثقة بالتركيبة الداخلية لها، واطلاق يدها ضمن عملية دراسة ملفات داخلية وتحديد مسؤوليات، وندعو السلطة القضائية والدولة باتخاذ التدابير المناسبة من خلال التقارير التي تصدر عنها مع الأخذ بعين الاعتبار الموضوعية والشفافية التي تتصف بها مؤسسات التدقيق، للخروج الى مؤسسات نظيفة مجرّدة من الفساد وهذا يأخذ وقت ولكن نصل فيه الى بناء دولة المؤسسات.”
وأضاف: “يوجد العديد من الملفات العالقة في طرابلس منها النفايات والبيئة، وموضوع انتخاب اتحاد بلديات الفيحاء، والأبنية الآيلة للسقوط والطرقات.
فطرابلس لديها تراكم من الغبن من قبل الدولة عمره عشرات السنوات، المشكلة الأساسية ليس فقط في الطبقة السياسية بل بكيفية تعاطي أجهزة الدولة اللبنانية مع طرابلس عبر رصد الموازنة لها، سواء أغلبية الإدارات فيها، فمثلاً مشروع الصرف الصحي الذي بقي 10 سنوات ولم ينفذ منه سوى 20%، وبقيت معظم شوارعها مقفلة، كله بسبب سوء التخطيط والفساد.”
وقال: “إن طرابلس لم تعد عاصمة الشمال، فالعاصمة يجب أن تكون بالفعل وليس فقط بالاسم أي كل الشمال يجب أن يصب في المدينة تجاريا واقتصاديا وعمليا، فالمرافق الأساسية الموجودة فيها لا تفعّل؛ معرض رشيد كرامي بقي جامد لعشرات السنين، المرفأ يعمل بالحد الأدنى، المصفاة معطّلة ولم ترمّم بعد قصفها.”
وختم: “مؤسسات طرابلس التي تجذب يد عاملة فرّغت وبعضها غير فاعلة، بالتالي يتحمّل مسؤوليتها من تعاقب على السلطة، فكمية الخلافات السياسية كانت ضحيتها طرابلس. ومنذ وصولنا الى السلطة دعينا الى التعاون مع كل الأطياف في السلطة السياسية لخدمة المدينة، وسبق أن اجتمع نواب طرابلس في دارة الرئيس ميقاتي وقدموا مسودة مشروع للرئيس السابق سعد الحريري، ولكن مرحلتها كانت قصيرة. والآن يوجد العديد من الملفات في الحكومة الحالية، وجب على الجميع كنواب ووزراء وفعاليات طرابلس التعاون، لأن الواقع الذي تعيشه المدينة مذري في وقت تحتضن المدينة آلاف العائلات التي تعيش تحت خط الفقر، ونحن نحاول تغطية تقصير الدولة من خلال تأمين مساعدات من قبل المؤسسات الخيرية، ولكن من يجب أن يأخذ المبادرة هم نواب المدينة والوزارات المعنية وكلّ من هو قادر لإستعادة دور طرابلس عاصمة الشمال فعلياً وليس فقط بالاسم.”