كبرت كثيراً هموم اللبنانيين، كما وجعهم، وما كان ينقصهم الا النار التي التهمت الاف الهكتارات وحاصرت المنازل والارزاق التي حافظ عليها الناس بالتعب والدموع.
كبرت هموم اللبنانيين بحجم وطنهم الذي يصارع من أجل آخر نفس هواء نظيف بلا نفايات وآخر قطرة ماء بلا تلوث وآخر شاطئ بلا مطمر وآخر بقعة خضراء.يقولون إنّه لا تزال لدينا فرصة للنهوض ببلدنا وباقتصاده وماليته، لكن الناس لم تعد تقوى على تصديقهم او الوثوق بوعودهم، فلقد كبر اليأس الذي سكن زوايا البيوت المقهورة، ووحده الدعاء يطرق الاحلام والامال بمستقبل يحفظ لهم حياة كريمة بلا ذل وفقر وجوع.احترقت احراج لبنان على مرأى من عيون المسؤولين، فما من هيئة للكوارث “على السمع” الا بمسح اضرار على وعد بتعويض قد يأتي وقد لا يأتي، ولا تجهيزات رغم ان الملايين قد صُرفت لتأمين بعضها واذ بالطائرات التي اشتراها لبنان لهكذا لحظات متروكة معطلة وبلا صيانة، بينما يواجه عناصر الدفاع المدني ألسنة النيران باللحم الحي الى جانب الاهالي والهيئة الصحية الاسلامية والبلديات، وحتى الدفاع المدني الفلسطيني حاول الدفاع عن بعض لبنان الاخضر الذي لا يعرف التمييز والعنصرية.صلى اللبنانيون كثيراً بعدما احترقت قلوبهم على بلدهم المشتعل، كما احترقت اعصابهم في طوابير محطات البنزين وعلى ابواب الافران.صلّى اللبنانيون كثيراً بعدما لم يقوَ قلب سليم ابو مجاهد على التحمل، فسقط شهيداً بنوبة قلبية اثناء مساعدته على اخماد النيران في أحد أحراج بلدته بتاتر في قضاء عاليه.
قرعت اجراس كنائس بلدة الدامور استغاثة بعدما لامست النيران منازلها، وارتفع الدعاء في قرى الشمال والجبل والجنوب، واذ بالرحمة الالهية تشفع بهم وترسل الامطار في مشهد قد يبدو بأنه درامي… لكنها حقيقة بأن الله وحده قد استجاب لدعاء اللبنانيين.