ضربة مزدوجة يتلقاها المواطن اللبناني، مرشّحة للتفاقم خلال الأسابيع المقبلة، تطال المحروقات وما يرتبط بها من مواد إستهلاكية. الضربة لا تقتصر على أزمة الدولار في قطاع المحروقات والإضراب المفتوح على العديد من الإحتمالات، لا بل تتعداها إلى أزمة أسعار ستتفجّر خلال أسابيع المقبلة وستطال شظاياها كافة القطاعات.
العامل الأول الذي يمهّد للضربة المزدوجة يتمثل بأزمة قطاع المحروقات، وبعجز أصحاب المحطات وموزعي المحروقات عن توفير الدولار الأميركي، لتغطية الإستهلاك الفعلي من المحروقات وعدم قدرتهم على تأمين عمليات تحويل مقبوضات المواد النفطية من الليرة إلى الدولار الاميركي.
أما العامل الثاني فيتمثل بالارتفاع الصاروخي الذي سجّلته أسعار النفط العالمية بعد تعرض منشآت نفط سعودية تابعة لشركة أرامكو، لضربة دفعت بأسعار النفط العالمية للارتفاع بنحو 20 في المئة. الضربة أحدثت ما يشبه الزلزال في سوق النفط العالمي سينعكس سلباً بطبيعة الحال على كافة الدول المستهلكة للنفط من بينها لبنان.
إضراب المحطات.. يتبع
تعود أزمة قطاع النفط في لبنان، وخصوصاً المحطات، إلى أكثر من شهر. بدأت مع شح الدولار الأميركي في الأسواق وتقنين المصارف لعمليات صرفه تماشياً مع ضغوط يمارسها مصرف لبنان لحماية احتياطاته الأجنبية، ما دفع بموزعي المحروقات والمحطات إلى شراء أكثر من 60 في المئة من حاجاتهم للعملة الأجنبية من الصرافين، الذين سرعان ما استغلوا ارتفاع الطلب على الدولار، ورفعوا سعره حتى قاربت قيمته الـ1570 ليرة.
أمام شح الدولار من السوق وتسعير الصرافين له بأسعار تفوق سعره الرسمي، بدأت الأعباء تزيد على أكثر من قطاع تجاري، ومنها قطاع النفط. فعمد الأخير إلى رفع صوته والتلويح بالإضراب منذ أسبوعين. فتدخلت وزارات الطاقة والاقتصاد والمال وكذلك مصرف لبنان. لكن أحداً لم يفلح بصوغ حل يؤمَّن من خلاله الدولار لقطاع النفط لتجنيب البلد أزمة محروقات.
غياب الحلول، دفع بقطاع المحروقات إلى تنفيذ إضراب ليوم واحد، الأربعاء 18 أيلول، على أن تُستكمل التحركات بإضراب على مدى أربعة أيام خلال الاسبوع المقبل، ما لم يُفلح المعنيون في توفير الدولار بسعره الرسمي، لتغطية الإستهلاك الفعلي من المحروقات.
وحسب معلومات “المدن”، فإن لا حلول فعلية لأزمة الدولار على المدى المنظور، لاسيما لقطاع النفط. إذ تبلغ مستوردات النفط السنوية نحو 4 مليارات دولار.
وهو ما لا يمكن تحمّله في الظل الوضع الراهن. إلا أن الخوف يبقى من أن يتّجه المعنيون إلى تحميل المواطن أعباء إضافية لتأمين السلع النفطية، عبر زيادة الجعالة للموزعين والمحطات تعويضاً عن تكبّدهم فارق سعر صرف الدولار مقابل الليرة.
ارتفاع الأسعار
عامل ضغط آخر يقع ضحيته من دون شك “المواطن”، يرتبط بارتفاع أسعار النفط عالمياً في بداية تعاملات الأسبوع، بنسبة وصلت إلى 20 في المئة، على خلفية الهجوم على منشآت آرامكو في السعودية. إذ وصلت العقود الآجلة لخام برنت إلى 71.95 دولار للبرميل وهو السعر الأعلى منذ العام 1991. الارتفاع المفاجئ لأسعار النفط عالمياً، وإن عادت وانخفضت بشكل محدود، إلا أن أثرها سيكون قاسياً على الدول المستهلكة للنفط وبينها لبنان.
ومن المتوقع أن تبدأ أسعار المشتقات النفطية بالارتفاع بشكل مقبول على مدى الأسبوعين المقبلين، قبل أن تسجّل ارتفاعات كبيرة متتالية خلال الشهرين المقبلين. وقد رجّح ممثل شركات موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، في حديث إلى “المدن”، وصول أسعار المشتقات النفطية في لبنان إلى مستويات قياسية خلال الأشهر القليلة المقبلة، لاسيما في حال تفاقمت الأوضاع الأمنية في الخليج.
ولا تقتصر الضغوط القائمة على أسعار المحروقات بل تتعداها إلى أسعار فواتير الكهرباء. إذ من المتوقع أن ترتفع فاتورة مؤسسة كهرباء لبنان النفطية، وتالياً ستزيد حاجتها إلى اعتمادات مالية تفوق ما طلبته مؤخراً أي 2880 مليار ليرة، علماً أن مشروع موازنة 2020 لم يلحظ سوى 1500 مليار ليرة اعتمادات مالية للكهرباء، وهو ما يمكن أن يشكّل ذريعة إضافية لشركة الكهرباء لخفض مستويات التغذية. وبالتالي، تبرير عزمها على رفع تعرفة الكهرباء ابتداء من مطلع العام المقبل 2020، علماً أن قرار رفع التعرفة اتخذ في وقت سابق، وأدرج ضمن خطة الكهرباء.