تُعتبر قصة محمد ريما من القصص النادرة التي يقف فيها القارئ حائراً ومتسائلاً حول التناقضات والغموض التي تلفّها. هناك قطبة مخفية لم تنكشف بعد، وشكوك كثيرة عالقة تنتظر نتائج الفحوصات حتى يُبنى على الشيء مقتضاه. إضطر وزير الصحة بالأمس أن يُفجّر المفاجأة التي شكّلت صدمة للكثيرين، بأن “محمد لم يخضع لأي فحوصات طبية حتى نُشخّص حالته”، لكن سرعان ما نشرت مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لتقارير طبية تُفيد بأن محمد يعاني من مرض Porphyrie، موقّعة من الطبيب رياض سركيس.
في قراءة للتقرير، يبدو واضحاً أنه ليس تقريراً طبياً مفصلاً بل شرح مقتضب يقول “إن محمد يعاني من مرض Porphyrie مستقر بفضل العلاج وحالته العامة جيدة. ويوصي بمشاركته في مؤتمر عن هذا المرض كشاهد ليتحدث عن مرضه”. لكن ما حقيقة هذا التقرير، وماذا يكشف الطبيب سركيس لـ”النهار”؟
يستغرب سركيس هذه الموجة التي أثارتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وأوضح أن “محمد جاء متوسلاً وباكياً يطلب منه المساعدة في كتابة تقرير طبي يساعده في الحصول وتسهيل الموافقة على الفيزا للسفر إلى الخارج. وهذا ما قمت به من باب الإنسانية وليس كطبيب، لكني لم أكن أعلم أنه سيستخدم هذا التقرير واستثماره في الوزارة والضغط عليها ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي. وإذا أردنا التدقيق في التقرير، يظهر جلياً أني اكتفيت فقط بتسمية مرضه والإيعاز بالمشاركة بالمؤتمر الذي يتناول مرضه، ما يعني أنه ليس تقريراً طبياً وعرضاً مفصلاً لحالته”.
ويتابع سركيس “لم يُجرِ محمد أي فحوصات طبية، وقد اتصل بي اليوم يقول إنه سيُجريها في الجامعة اليسوعية. (فحوصات جينية). وفي حال تبين حقيقة أنه يعاني من هذا المرض فأنا على ثقة أنه سيتم التعامل مع هذه القصة بمهنية، ولكن طالما ليس هناك نتائج مخبرية تُثبت حقيقة حالة محمد الصحية، لا يمكن التعويل على ما يتمّ تناقله على وسائل التواصل بغياب أي مستند طبي للفحوصات الجينية. لذلك أتمنى الدقة والحذر عند عرض أي حالة، وعدم الانجرار وراء التكهنات والقيل والقال، والانتظار حتى صدور النتائج في حال موافقة محمد على إجرائها، وعندها لكل حادث حديث”.
ما كشفه الطبيب يضع الأمور في نصابها الصحيح. محمد حتى الساعة لم يُجرِ أي فحوصات طبية تؤكد صحة مرضه، وهذا ما دفع مستشار وزير الصحة محمد عياد في حديثه لـ”النهار” إلى “وقف التبرعات إلى حين إجراء الفحوصات وصدور النتائج التي ستقرر منحى التعاطي مع هذه القصة. لم يتوقف محمد عن الاتصال بنا وطلبنا منه إجراء الفحوصات في مختبرات الجامعة اليسوعية، وفي حال تبين أنه حقاً يعاني من هذا المرض، سيقوم وزير الصحة جميل جبق برفع الملف إلى مجلس الوزراء للموافقة على تحمل تكاليف العلاج وما يترتبه لتسهيل تلقيه العلاج المناسب. لكن تصرفات محمد وعدم إجرائه الفحوصات أثارت الشكوك والغموض في صحة أقواله، لذلك قلتُ له اليوم “عليك إجراء الفحوصات حتى تعرف وزارة الصحة كيف تتصرف بهذا الموضوع، لكنه احتج تحت ذريعة “الكلفة العالية للفحوصات والتي تبلغ حوالى 1500 دولار. ويُفضل إجراءها في تركيا”.
برأي عياد أنه “لو مهما كانت الكلفة، يمكنه إجراء الفحص من قيمة الأموال التي جمعها حتى الساعة والتي قيل إنها بلغت 100 ألف أورو. لذلك إذا كان محمد ريما صادقاً ليس عليه سوى الموافقة على إجراء هذه الفحوصات وانتظار صدور النتائج حتى تتمكن الوزارة من مساعدته”.
ويختم قائلاً “إذا أراد محمد السفر لتلقي العلاج على حساب الدولة فهو يحتاج إلى موافقة من مجلس الوزارء بعد الحصول على تقرير من المركز الذي سيعالجه يتضمن كلفة العلاج والإجراءات الطبية وغيرها من التفاصيل لحالته. وستصدر وزارة الصحة بياناً بهذا الموضوع غداً”.
المصدر “النهار”