في شهر أيلول، وعلى وقع قداديس الشهداء ومهرجانات ذكرى استشهاد الرئيس بشير الجميّل، يستعيد حزبا “القوات اللبنانية” و”الكتائب” نوستالجيا ما يُمثّل كلٌّ منهما لنهج بشير ومساره.
لكنّ التقليد الجديد الذي اعتاد عليه جمهورا الحزبين عند نهاية كلّ صيف، أن تنفجر قنبلة صوتيّة تَزيد من التباعد بين القيادتين. إمّا تستفزّ إحدى عبارات رئيس “القوات” سمير جعجع في خطابه السنوي من معراب الجمهور الكتائبيّ، أو يصدر عن رئيس “الكتائب” سامي الجميّل “لطشة” لاذعة لا تحملها معراب ولا قواعدها القياديّة والشعبيّة.
تشتعل مواقع التواصل الإجتماعي بسرعة البرق. لا تحتاج الغرائز التاريخيّة التي ما زالت حيّة في عقولٍ كثيرة، إلى الكثير من الشحن كي تُلهِب النفوس، والمؤسف أنّ الأغلبية العظمى “ما معها خبر” فعلاً بما يحدث خلف الكواليس وفي المكاتب الضيّقة من تَوجهّات وقرارات غير مُعلَنة، وتكتفي بحاسّتَي السمع والبصر.
لن نُعيد ذكر ما حصل في الـ٤٨ ساعة الأخيرة بين الصيفي ومعراب. لا يعرف مدى الحالة المهترئة التي وصلت إليها العلاقة بين “القوات” و”الكتائب” سوى نديم الجميّل، فهذه المرّة ضُربَت الجرّة من مكان استشهاد والده ليأتي الردّ عليها في وقت لم يكن قدّاس بكفيا السنوي قد انتهى.
يُحاول الرجل من جهة أن يُطيّب النيّات بين الحزبيّين في الشارع الواحد فتأتيه ضربة من جهة أخرى، لا يوفّر خطوة وخطاباً لـ”يحلب صافٍ” مع القواتيين ليأتيه مَن “يلبط السطل” من جديد.
والأسوأ أنّ الحزبين في حالةٍ لا يُحسَدان عليها. فجعجع دخل في تفاهم نصفيّ مع “التيار الوطنيّ الحر” وسهّل إيصال رئيسه إلى بعبدا، ليخرج منه مخدوعاً من دون ١٪ من الحصّة المسيحيّة المتّفق عليها في التعيينات الإداريّة، وبعلاقة “أقلّ من صفر على عشرين” مع رئيس “التيار” الوزير جبران باسيل… وما لم يتوقّع أن تجرف معها اهتزاز ثقة مع حليفه رئيس الحكومة سعد الحريري.
أمّا “الكتائب”، فحزبٌ خارج الحكومة ينتظر صدمةً أو واقعةً سياسيّة مفاجئة، أو “صحوة ضمير” من الحلفاء القدامى، ليتموضَع بشكلٍ يُعيد إليه معنويّات مُعوَّل عليها للإستحقاقات الثلاثة في الـ٢٠٢٢، محاولاً “بالموجود أن يجود”.
يعلَمُ الحزبان ما يُمكن إحداثه سياسياً وإنتخابياً على الساحة المسيحيّة، خصوصاً في حالة النسبية والصوت التفضيليّ، إن التزما بتحالفٍ نوعيّ شبيه بنموذج “حزب الله” و”أمل”. ومع ذلك، يعجزان عن الخروج من غريزة “الرأس الأقوى”، والحريّ القول “الوريث الأكبر”… فإلى أين أنتما ذاهبان وأنتما معزولان؟
المصدر : ام تي في