انطوى الاسبوع الماضي على سلسلة مصالحات سياسية لافتة بتوقيتها، ميّزت المشهد السياسي الذي كان متوترا بالامس القريب. مصادر سياسية رفيعة المستوى تؤكد في مجالسها الخاصة ان زمن الخلافات والمناكفات السياسية انتهى راهنا، حيث ان الانظار شاخصة الى الملفات الحدث اي الاقتصادية والمالية، مما يعني اننا في مرحلة هدنة سياسية تشمل كافة الاطراف في البلد.
من هنا فإن مصادر متابعة عزت هذا الامر الى ان اتفاقا سياسيا حصل بين اركان الدولة على اعلى المستويات لضرورة التركيز حاليا على الاوضاع المالية والاقتصادية، والابتعاد قدر المستطاع عن الخلافات السياسية الضيقة، خصوصا ان الجميع اصبح على يقين ان الاولوية الراهنة حاليا هي لمعالجة الملفات الاقتصادية، وابراز صورة مختلفة عن لبنان للمجتمع الدولي لا سيما المعني بالوضع المالي.
ورغم تأكيد المصادر دقة الاوضاع، فهي تعرب عن املها بأن يتخطى لبنان هذه الازمة بأقل كلفة ممكنة من خلال تعاون جميع القوى السياسية على معالجة الوضع وهذا الامر اصبح محسوما.
وتعتبر المصادر انه رغم الانشغالات التي حصلت خلال الاسبوعين الماضيين بالاوضاع الامنية جنوبا والاعتداءات الاسرائيلية التي تعرض لها لبنان، فإنها ستبقى مضبوطة من خلال الضغوط الدولية التي تمارسها الدول الكبرى، لان لا مصلحة لاحد بإندلاع حرب بين اسرائيل و«حزب الله» وبالتالي اسرائيل وايران في الفترة الراهنة التي تشهد تطورات متلاحقة، وتشيد المصادر بالدور الذي لعبه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على هذا الصعيد، كذلك الدور الذي تلعبه القيادة الروسية والتي بحسب المصادر لن تسمح باي شكل من الاشكال باندلاع اي حرب في ظل وجود جنودها داخل الاراضي السورية.
من هنا، فإن المصادر السياسية لا تبدي اي تخوف امنيا او سياسيا على الوضع اللبناني في الوقت الحالي، حيث الانكباب راهنا على معالجة الاوضاع الاقتصادية والمالية من خلال اجتماعات مكثفة تعقد على اعلى المستويات منها المعلن ومنها الكثير غير المعلن واستنفار الفرق الاقتصادية للمسؤولين من اجل اخراج لبنان من دائرة التصنيف المالي السلبي واعادته الى الدائرة الطبيعية.
وتشير المصادر الى وجوب التركيز والعمل حاليا من اجل تنفيذ المشاريع التي اقرت في مؤتمر «سيدر»، والاستفادة منها لتحريك العجلة الاقتصادية، وتشير الى ان هذا الأمر سيظهر في وقت قريب من خلال سلسلة اجراءات وقرارات ستصدر عن الحكومة لاطلاق هذه المشاريع، كذلك من خلال تنفيذ خطة «ماكنزي» والعمل على اقرار موازنة 2020 في اسرع وقت ممكن، وكل هذه الامور ستأتي بالتزامن مع التحضيرات الجارية للقيام بالبدء بحفر اول بئر استكشافي والمباشرة بعملية التنقيب، خصوصا ان الملف وضع على السكة الصحيحة وهذا ما سيتم بحثه بشكل مفصل بين المسؤولين اللبنانيين الكبار ومساعد وزير الخارجية الاميركي المكلف ترسيم الحدود ديفيد شنكر في زيارته الاولى الى لبنان في مهمته الجديدة وهو كان اجتمع مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري خلال زيارة الاخير الى واشنطن في منتصف الشهر الماضي وجرت مناقشة الموضوع.
ومع تأكيد وزير المال علي حسن خليل امس وبشكل صريح وواضح بعد لقائه الرئيس الحريري عن انطلاق جلسات دراسة مشروع موازنة 2020 الاسبوع المقبل، فإن مصادر وزارة المال توقعت لـ«اللواء» ان لا يستغرق درس المشروع في مجلس الوزراء اكثر من خمس جلسات، خصوصا ان المشروع هو نسخة منقحة من موازنة 2019 التي تم اقرارها في وقت غير بعيد.
كذلك فإن مصادر نيابية رفيعة المستوى اعتبرت ان الاشهر الستة المقبلة هي اساسية، مؤكدة جدية عمل الحكومة كذلك المجلس النيابي من اجل معالجة الازمة الاقتصادية الراهنة، مشيرة الى ان جميع السلطات تلعب دورها بشكل فعال من خلال العمل على تسهيل تنفيذ كل المشاريع التي من شأنها دعم الاوضاع الاقتصادية والمالية.
وشددت المصادر على ان كل المطلوب هو تأمين موازنة 2020 وفقا لمواصفات موازنة 2019 مع تطوير المشروع من حيث زيادة في الترشيق والتقشف، وتعتبر المصادر الى انه رغم ان لا تزال هناك مهلة لاقرار مشروع موازنة 2020 في المجلس النيابي حتى نهاية كانون الثاني اذا تم التمديد شهرا اضافيا استثنائيا فإن المصادر عينها تتوقع ان تقّر في اقرب وقت ممكن، من اجل اظهار صورة ايجابية للمجتمع الدولي في هذا الاطار، خصوصا ان هناك نوايا حقيقية للعمل، ورغم قلقها على الاوضاع فإن المصادر لا تبدي اي تخوف على ما سيتم اصداره من تصنيفات للبنان من قبل المؤسسات المالية الدولية، وهي تدعو الى عودة الجميع الى ضمائرهم وعدم اشاعة الذعر والتوتر لدى المواطنين لا سيما بالنسبة الى سعر صرف الدولار.