يسابق رئيس الحكومة سعد الحريري في تحركاته واتصالاته واجتماعاته بالعمل على إيجاد الحلول الدائمة للمشاكل الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يُعاني منها لبنان، بالتزامن مع تكثيف جهوده مع أصدقاء لبنان بالعالم لتحييد البلد عن مجريات الصراع الإقليمي المتصاعد بالمنطقة وتوفير مظلة حماية لمنع أي اعتداءات إسرائيلية عليه.
ومن هذا المنطلق يعمل رئيس الحكومة مع كافة المعنيين والمسؤولين بالداخل والموفدين من الخارج لوضع التحضيرات اللازمة لوضع قرارات مؤتمر «سيدر» موضع التنفيذ في أقرب وقت ممكن، مع كل ما تستلزمه من إصلاحات وسن قوانين جديدة واجراء الإصلاحات المطلوبة، وتأمين وتوفير الظروف الداخلية الملاءمة وتحقيق التوافق الداخلي الداعم والضروري لهذه الخطوات، وإزالة كل ما يشاع ويروج عن التباسات وشكوك تحيط بعملية التنفيذ من بعض الأطراف الداخليين.
وقد أتى الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الفرنسي نهاية الأسبوع الماضي مع الرئيس الحريري ليدعم سياسة الحكومة اللبنانية على خطي تنفيذ قرارات «سيدر» من جهة، وليؤكد وقوف فرنسا إلى جانب لبنان في رفض أي اعتداء إسرائيلي يتعرّض له أو أي محاولة من أي طرف كان للاخلال بالأمن والاستقرار على الحدود الجنوبية في ضوء التوتر الذي شهدته هذه المنطقة مؤخراً وكاد يتسبب بتصعيد عسكري لا يُمكن التكهن بنتائجه.
ولا شك أن الاتصال الهاتفي للرئيس الفرنسي مع الرئيس الحريري، حمل دلالات عديدة، أبرزها وضع حدٍ لكل التأويلات والاستنتاجات التي خرج بها البعض لإعطاء نتائج مغايرة لزيارة الموفد الفرنسي بيار دوكان، ولتبديد كل التوقعات المتشائمة عن تعثر تنفيذ قرارات المؤتمر واحتمال صرف الأموال المرصودة إلى دول وجهات أخرى بفعل الإشكالات السياسية الحاصلة بالداخل وتباطؤ التحركات المطلوبة للمباشرة بتنفيذ القرارات المذكورة.
كذلك، أكّد الرئيس الفرنسي على استمرار فرنسا في سياستها تجاه لبنان والالتزام بتعهداتها السابقة لتنفيذ قرارات «سيدر» لتمكين الحكومة اللبنانية للمباشرة بعملية النهوض الاقتصادي والمالي المطلوبة في لبنان، خلافاً لكل التأويلات والمواقف التي تروّج من قبل البعض عن احتمال تجميد أو تراجع فرنسا عن تعهداتها السابقة بهذا الخصوص.
ولعل تحديد العشرين من الشهر الجاري موعداً لزيارة الرئيس الحريري إلى فرنسا ولقائه المرتقب مع الرئيس ماكرون في قصر الاليزيه، يعتبر من الدلائل المؤشرات الإيجابية للموقف الفرنسي الإضافي الداعم للخطوات التنفيذية التي تتخذها الحكومة اللبنانية للمباشرة بتنفيذ قرارات مؤتمر «سيدر» وتأكيداً ملموساً بعدم وجود أي تغيير بالسياسة الفرنسية في هذا الخصوص، بمعزل عن أي مكاشفة أو طرح أي ملاحظات موضوعية لإزالة العوائق وتسريع الخطوات التنفيذية لكافة المشاريع المطروحة.
فالاتصال الهاتفي للرئيس الفرنسي برئيس الحكومة اللبنانية تزامن في حمأة الحملة التي حاول البعض لتشويه أهداف زيارة الموفد الفرنسي دوكان ولإعطاء إنطباع سلبي عن عدم أهلية الحكومة اللبنانية للاستمرار في مهامها لتنفيذ قرارات «سيدر» وبالتالي زيادة منسوب التشاؤم الذي يواكب الأداء السلطوي المتعثر بالداخل اللبناني.
يضاف إلى ذلك، فإن الرئيس ماكرون حرص من خلال اتصاله أيضاً، ليس حصر مفاعيله بالشق الاقتصادي ودعم الحكومة اللبنانية في مساعيها لتنفيذ قرارات «سيدر» فقط، بل أتى أيضاً في ضوء التوتر الذي ساد الحدود الجنوبية بفعل الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية ورد «حزب الله» عليه لاحقاً، وما تخلل ذلك من توتر كاد يتسبب بتصعيد الوضع الأمني نحو الأسوأ، وليؤكد للبنانيين ان فرنسا مهتمة إلى أبعد الحدود بالحفاظ على الأمن والاستقرار في جنوب لبنان وبالالتزام بالقرار الدولي 1701، بالرغم من كل ما حدث، كون فرنسا دولة كبرى مستمرة بسياستها الثابتة في دعم لبنان ورفض أي محاولات من قِبل إسرائيل أو غيرها لتغيير الواقع القائم على الحدود الجنوبية منذ صدور القرار 1701 عن مجلس الأمن الدولي في تموز 2006 وما يزال موقفها كما هو ولم يتغيّر.