هل يشكّل تنفيذ «حزب الله» بعد ظهر أمس وعدَه بالردّ على «إغارة» طائرتيْن اسرائيليتيْن مُسَيَّرتيْن على قلب الضاحية الجنوبية لبيروت فجر الأحد الماضي بعيد مقتل اثنين من كوادره في سورية (بضربة اسرائيلية) «العنصرَ الرادع» الذي أراده الحزب لمعاودة تثبيت قواعد الاشتباك التي كانت تحكم الجبهة المُسترخية بينه وبين اسرائيل منذ العام 2006؟
هذا السؤال أطلّ برأسه من قلب الدخان الكثيف الذي تَصاعد من الحدود مع إعلان «حزب الله»، أنه «عند الساعة الرابعة و15 دقيقة من بعد ظهر الأحد قامت مجموعة الشهيدين حسن زبيب وياسر ضاهر بتدمير آلية عسكرية عند طريق ثكنة افيفيم وقتل وجرح من فيها»، قبل أن يرد الجيش الاسرائيلي بعشرات القذائف، ويعلن أن الحزب استهدف «قاعدة عسكرية بعدد من الصواريخ المضادة للدروع»، من دون وقوع إصابات.
وساد «حبْس أنفاس» كبير بعيد الردّ الذي كانت «الراي» سبّاقة في توقّعها (عدد الجمعة) أن يحصل في الساعات الـ 72 المقبلة، والذي اكتسب أهميةً في «جغرافية» الاستهداف التي طاولت للمرة الأولى منطقةً خارج مزارع شبعا المحتلة هي مستعمرة افيفيم (المتاخمة لبلدة مارون الراس)، وذلك بعدما سارع الجيش الاسرائيلي الى قصف بلدات لبنانية حدودية ولا سيما خراج مارون الراس وعيترون ويارون متسبّباً باندلاع حرائق في الأحراج، وسط إطلاق تل ابيب إشاراتٍ، وهو ما تجلى في الآتي:
- إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أولاً، ان «لبنان سيدفع ثمن الهجوم الذي حصل». ولاحقاً في مؤتمر صحافي في القدس، أن إسرائيل ستحدد التحرك المقبل على الحدود مع لبنان، وفقاً لتطور الأحداث، مؤكداً انه لم يسقط ضحايا في صفوف الجنود الإسرائيليون، حتى ان أحداً لم يصب بخدش.
- إشارة وسائل إعلام إلى أن مطار بن غوريون طلب من الطائرات المدينة الوافدة اليه تغيير وجهتها.
- إعلان الناطق باسم الجيش افيخاي ادرعي أنه «تم إصدار بعض الأوامر لضباط الأمن في البلدات، منها أن على السكان في منطقة تبعد حتى 4 كلم من الحدود اللبنانية البقاء في المنازل وفتح الملاجئ. وليست هناك حاجة للدخول الى الملاجئ إلا عند سماع الصافرات».
ومساء، أعلن الناطق الإسرائيلي جوناثان كونريكوس للصحافيين، أن «حزب الله نفذ الهجوم… لكنه أخفق في إسقاط ضحايا… يبدو أن الاشتباك على الأرض قد انتهى، لكن الموقف الاستراتيجي لا يزال قائماً وقوات الدفاع لا تزال في حالة تأهب قصوى».
وأشار الناطق إلى إصابة سيارة إسعاف عسكرية جراء ما حصل.
وكانت «القناة 13» أوردت ان «الاستهداف تم لجيبين عسكريين الفرقة الاولى نجحت في الهروب والثانية فشلت وأصيبت بشكل مباشر»، في حين اشارت مواقع اسرائيلية إلى «ان مروحيات تنقل إصابات الى مستشفى (زيف) في صفد».
من ناحيتها، أشارت قناة «الميادين» الى أنّ «القصف الإسرائيلي يهدف الى سحب الإصابات في صفوف جنوده»، قبل ان تتحدّث قناة «المنار» عن «وقوع 4 إصابات في صفوف جنود العدوّ جراء عملية المقاومة في أفيفيم».
وأعلن الجيش اللبناني في بيان: «استهدفت قوات الإحتلال الإسرائيلي خراج بلدات مارون الراس، عيترون ويارون بأكثر من 40 قذيفة صاروخية عنقودية وحارقة، ما أدى إلى إندلاع حرائق».
وفيما كانت وزارة الخارجية الإسرائيلية تحمّل «حزب الله» مسؤولية ما يحصل، مؤكدة أنها «ستّتخذ كل الإجراءات لحماية مدنييها»، فتح رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري «الخط الساخن»، وأجرى اتصالين بكل من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل بون، طالباً تدخلهما والمجتمع الدولي في مواجهة تطور الأوضاع على الحدود الجنوبية.
واستوقفت دوائر مراقبة أن «حزب الله» في ردّه على الضربة الاسرائيلية المباغتة في معقله والتي عكستْ ترْك تل ابيب مقعد «المتفرّج» في المنازلة الطاحنة بين واشنطن وطهران، تعمّد «الانتقام» في بقعةٍ لم يسبق أن كانت في «دائرة النار» واختار أن يكون الردّ من «توقيع» كتيبة تحمل اسم عنصريْه اللذين سقطا في عقربا السورية قبيل استهداف الضاحية الجنوبية قبل أسبوع.
وتوقفت الدوائر عند أن الحزب حرص على اعتماد ردّ «مدروس» و«موْضعي» يوجّه الرسالة المطلوبة من دون أن يستدرج حرباً في لحظة المنازلة الطاحنة بين واشنطن وطهران والمخاطر المرتفعة للعب بالنار فوق «برميل البارود».
وعلمت «الراي» من مصادر في «محور المقاومة»، أن الوحدات الخاصة في الحزب كانت رصدت في الساعات الـ 24 الماضية مجموعة من 18 جندياً اسرائيلياً كانوا في مرمى النار، إلا أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله رفض تنفيذ العملية تفادياً لانزلاق الوضع الى حرب، كما أنه جرى رصْد قائد كتيبة دخل مقره الساعة الثامنة صباحاً، وكان من المفترض أن يخرج في الخامسة مساء ولكنه لم يخرج.
واذ اعتبرت المصادر أن «الحساب أُقفل مع الاسرائيليين»، تحدّثت عن مغازي تنفيذ العملية في وضح النهار وبصاروخ موجَّه «لايزرياً» كي يتجنّب الحزب الكشف عن قدراته المخفية.