دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من لم يعد الى منطقة الجبل للعودة، مطمئنا الى “استتباب الامن الذي لا عودة فيه الى الوراء”، مؤكدا “اننا مقبلون على عهد يخرج لبنان من كبوات الماضي الأمنية والاقتصادية”.
وطمأن الرئيس عون ان “لبنان سيبدأ في شهر تشرين الثاني المقبل التنقيب عن النفط وسيواصل طريقه على خط إعادة الثقة، كما سيتمكن من زيادة انتاج الطاقة بموجب الخطتين السريعة والدائمة”، لافتا الى انه “في ما يتطلب النهوض بقطاعي الصناعة والزراعة المزيد من الوقت، الا اننا نأمل في الوقت عينه في ان نسلم وطنا بحال افضل مما استلمناه”.
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله بعد ظهر اليوم في قصر بيت الدين عددا من الوفود المرحبة به.
وفي هذا الاطار، استقبل رئيس الجمهورية في حضور الوزير السابق طارق الخطيب، وفدا من “الجماعة الإسلامية” في منطقة الجبل برئاسة محافظ الجماعة في المنطقة بلال الدقدوقي الذي رحب بالرئيس عون في بيت الدين وبحث معه في أوضاع وحاجات المنطقة على مختلف الأصعدة.
وضم الوفد، المسؤول السياسي الشيخ احمد فواز، والأعضاء: أنور منصور، اياد زرزور، محمد القشوع، جمال الجعيد، احمد السيد، إبراهيم منصور، احمد الطحش ومحمد الحجار.
ثم استقبل الرئيس عون الوزير السابق الخطيب على رأس وفد شعبي من إقليم الخروب حيث القى في مستهله كلمة، فقال: “فخامة الرئيس، ان اهلنا في الاقليم والشوف يشكرونكم على مباركتكم وتشريفكم لمنطقتنا العزيزة على قلبكم على غرار باقي المناطق اللبنانية، ويشكرونكم ايضا على استقبالكم لنا اليوم على الرغم من مشاغلكم وضيق وقتكم. نحن نعلم كم تحبون الاقليم واهله، وهذا وسام على صدرنا، وهؤلاء الذين تحبونهم يعملون في الادارة والقضاء والسياسة والمؤسسات العسكرية والامنية بكفاءتهم المشهودة لهم، كما انتمائهم وولائهم للوطن وتمسكهم بالعيش الواحد، وحبهم للعلم الذي كان سبيلهم الوحيد – ولن اقول سلاحهم لانهم لا يحبون السلاح – للوصول الى اهدافهم وتغيير واقعهم الاجتماعي المتردي بسبب الفقر الذي عانوا منه سابقا، وللاسف عدنا نعاني منه اليوم”.
أضاف: “فخامة الرئيس، ان اهل الاقليم قرأوا في كتابكم الذي تسطر صفحاته تاريخا من النضال من اجل حرية وسيادة واستقلال لبنان، وهم يقرأون اليوم وسيقرأون ايضا بعده، الصفحات التي سطرها رقي ونقاء عملكم الوطني الذي يؤشر الى عمق ادراككم وارادتكم على حل المشاكل بروح الشراكة والثبات في المواقف. لا تفاوضون على اثمان، ولا تجمعون بين الحق والباطل. هم يقرأون حرصكم الدائم على الحوار بين المكونات السياسية وسعيكم للتلاقي بينها والتركيز على القواسم المشتركة وصياغتها بأسلوب يجمع على اسس الاعتدال والانصاف على الرغم من اختلاف الرؤى والمواقف، سعيا للوصول الى حلول تحفظ كرامة الدولة وهيبتها ووجودها، كما تحفظ ايضا حق الجميع تحت سقف القانون”.
وتابع: “انكم تعدلون بالحق وتقودون بالمحبة وتنهون عن المنكر وتأمرون بالمعروف. ان اهل الاقليم العاملين في ادارات الدولة، ليسوا بعيدين عنها وقرأوا حرصكم على الانصاف، ومن هذا المنطلق يتمنون على فخامتكم مساعدتهم على تحقيق الامور التالية: الحفاظ على حقوقهم في الوظائف من خلال اعتماد مبدأ الكفاءة والتراتبية مع الحفاظ على التوازن الذي يحمي الميثاقية. استحداث مكتب عقاري وفرع للتنظيم المدني ودوائر او اقسام لادارات الدولة في الاقليم، وهذا ليس بدافع سلخ المناطق عن بعضها، بل الى تسهيل عمل ابناء الاقليم. وجود امين صندوق للخزينة. استحداث سريتين للدرك واحدة في برجا وأخرى في شحيم. استحداث مكتب لأمن الدولة. استحداث دائرة نفوس في الدامور وتنفيذ القرار باستحداث دائرة نفوس في جون. دعم وتطوير تجهيزات مستشفى سبلين الحكومي واستحداث قسم لجراحة القلب. استكمال شبكات الصرف الصحي. تأهيل وتجهيز المدارس الرسمية ودعمها. تخفيف ساعات تقنين الكهرباء. انصاف المهجرين ودفع مستحقاتهم لتمكينهم من انجاز منازلهم للاقامة فيها وصيانة الطرقات وتوسيعها”.
واردف: “فخامة الرئيس، إن أهل الاقليم واثقون أنكم سوف تبنون دولة المؤسسات على الرغم من التركة الثقيلة التي ورثتموها من نتائج الحرب الأهلية وسلوك قام على الفساد والنهب وارتكاب جميع الموبقات التي أدت إلى إفقار الدولة. كلنا ثقة بقدرتكم على استنباط نهج الحكم من روح المعادلة الميثاقية، كلنا ثقة أنكم سوف تبقون حاميا للوحدة الوطنية وسيادة واستقلال لبنان وكلنا ثقة أنكم سوف تكونون صخرة خلاصنا وقيامة لبنان”.
وختم: “فخامة الرئيس، عن حق أنتم بي الكل وأبوتكم مبنية على عاطفة وعلى عقل. عاطفة قائمة على محبتكم لجميع اللبنانيين، وعقل خلاق مبدع يسعى للحفاظ على الثوابت الوطنية والعيش المشترك بين اللبنانيين لذلك من غير الممكن أن تخذلكم بنوتنا”.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، مؤكدا بقاءه على ايمانه منذ كان في المؤسسة العسكرية ب”ان الوطن حاضن للجميع”، معتبرا ان “اختلاط دماء الشهداء على ارضه كاف ليشكل الجامع الاساس بين أبنائه بعيدا عن الطائفية”. وقال: “ان إقليم الخروب لطالما كان مهملا وسنأخذ على عاتقنا، قدر المستطاع نظرا للظروف المالية التي نمر بها، إخراجه من حال الإهمال التي يعاني منها”، لافتا الى “الازمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان والتي نحن في صدد معالجة تداعياتها”، مشيرا الى انه سيجمع “نهار الاثنين المقبل في قصر بعبدا كل رؤساء الأحزاب السياسية لوضعهم امام مسؤولياتهم”.
اضاف: “لقد نجحت منذ وصولي الى سدة الرئاسة في ضبط بعض الامور الا انني لم اتمكن من اعادة الثقة بين المواطنين والسلطة، وهو امر نعمل على تحقيقه بعد تصحيح مسار الحكم. واني على ثقة باننا سنتغلب على الصعوبات المتراكمة منذ ثلاثين سنة حيث بدأنا بمحاربة الفساد من دون التشهير باصحابه وسنواصل ذلك”.
وطمأن رئيس الجمهورية الوفد بان “لبنان سيبدأ في شهر تشرين الثاني المقبل التنقيب عن النفط وسيواصل طريقه على خط إعادة الثقة، كما سيتمكن من زيادة انتاج الطاقة بموجب الخطتين السريعة والدائمة”.
وختم مؤكدا ان “النهوض في قطاعي الصناعة والزراعة يتطلب المزيد من الوقت، الا اننا نأمل في الوقت عينه في ان نسلم وطنا بحال افضل مما استلمناه”.
واستقبل الرئيس عون رئيس دير ومدرسة مار مارون – مجدل المعوش الاب سمير غاوي مع وفد من رؤساء ومجالس بلديات ومخاتير وابناء قرى وبلدات مجدل المعوش، البيرة، كفرنيس، وادي الست، جعايل، الفوارة، بريح، المريجات وشوريت، حيث القى في مستهل اللقاء الاب غاوي كلمة، فقال: “جئنا يا فخامة الرئيس لنقول لكم ككل الشوفيين والجبليين، إن إقامتكم ههنا، بيننا ولو لأمد قصير، غيرت مفهوم أيامنا، بثت فيها نفسا جديدا، أبهجتها، وجددت فينا حب الحياة والوطن. وجودكم بيننا وفي وسطنا يزيدنا ثقة بعهدكم ورؤياكم لترسيخ أهلنا في قراهم وتمسكا بالأرض والعيش الواحد وحفاظا على تراث الأباء والأجداد. رئيس لبنان هنا، هلل يا جبل وهبوا يا ناس إلى العمل، فالقائد جاء يبعث فينا الأمل فهلموا نتصالح ونتكاتف ونتعايش لنكتب للبنان وللجبل مجدا بعد ما كتب”.
اضاف: “فخامة الرئيس، نحن في حضرتكم أيضا لنسلمكم رسالة موقعة من رؤساء ومخاتير البلدات الآتية: مجدل المعوش، البيرة، كفرنيس، الفوارة، بريح، وادي الست، جعايل، المريجات وشوريت. وفيها نطلب من فخامتكم أن تكلفوا مستشاركم للشؤون الهندسية المهندس انطون سعيد المحترم كي يتواصل معنا لنطلعه على أوضاع العديد من الطرقات وبناها التحتية والتي هي بحاجة إلى عمليات تأهيل واسعة، فتساعد أبناء بلدات وقرى جبلية كثيرة على البقاء فيها كونها تسهل التواصل في حياتهم اليومية العملية. منطقتنا تفتقر إلى معظم الخدمات والمواصلات والطرقات والبنى التحتية التي هي بحاجة ماسة وملحة إلى عمليات تأهيل واسعة، لتسهل على المواطنين المشاركة في إعادة إحياء نمو الانتاج الريفي الزراعي والحرفي من جهة، وتخفيف الضغط السكاني والعبء المعيشي عن اللبنانيين في المدينة من جهة ثانية، وتوفير بيئة حمائية اخلاقية ومعيشية ووطنية واقتصادية”.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، معربا عن سعادته بلقاء اعضائه، مطمئنا إياهم الى “استتباب الامن في المنطقة على الرغم من الظروف التي شهدتها أخيرا”، مؤكدا ان “في الامن لا عودة الى الوراء. واقامتي هنا هي لطمأنتكم ودعوتكم الى تشجيع من لم يعد بعد على العودة لان هذه الارض هي ارضكم والوطن هو وطنكم”.
وقال: “اننا مقبلون على عهد يخرج لبنان من كبوات الماضي الأمنية، كما الاقتصادية وسنتخذ التدابير التي قد يكون غير مرحب بها الا انها ضرورية للخروج من الازمة الراهنة في ظل توافر الإرادة المشتركة لدى جميع الأطراف في ذلك”.
وطمأن الرئيس عون أعضاء الوفد الى مواصلته العمل على “تجهيز مستشفى دير القمر الحكومي بالإضافة الى توفير المال اللازم لتحسين وضع الطرقات في المنطقة خلال العام الجاري”، متمنيا ان “يتكرر اللقاء بالوفد في كل سنة بما يعزز الطمأنينة اكثر في نفوسهم”.