“ليبانون ديبايت” – علاء الخوري
طال انتظار جمهور القوات لـ “يبق الحكيم البحصة”، ويخلع القفازات عند حديثه عن العلاقة مع التيار الوطني الحر والعهد وما “جنته” ورقة التفاهم التي “محت” تواقيعها التسويات والحسابات الرئاسية.
أكثر من ثلاث سنوات يحاول فيها رئيس الحزب سمير جعجع تدوير الزوايا وتجميل ما أمكن لإنقاذ قراره الذي تبين أنّه صبّ في غير مصلحة القوات.
جاءت “تيريز” لتعلن بشكل “شبه رسمي” الطلاق بين قوات “معراب” وتيار “ميرنا الشالوحي”، إذ ركز جعجع في اطلالته الاخيرة على قصف جبهة ميرنا الشالوحي، والنأي قدر المستطاع عن تيار الرابية الذي وقّع معه “الوثيقة الرئاسية” ودافع عنها ” الحكيم” رغم كل الشوائب التي اعترتها، ولكن برأيه فإنها جاءت وللمرة الاولى برئيس يملك قاعدة شعبية واسعة وتوافقت عليه غالبية الكتل.
بعد كلام جعجع عاد “الرفاق في القوات” وتحديدًا من كان معارضاً لهذا التفاهم الى التذكير بـ “صوابية” رؤيتهم، ورجّحت “الكفة” رأي النائب السّابق انطوان زهرا الذي فضّل “دفة” الابتعاد على “بلع” جبران باسيل رفيقاً الى جانبه، وعليه فإنّ القرار الحزبي اليوم بات بحسب الكثير من القيادات القواتية يميل الى الجناح الذي كان معارضًا لهذا التفاهم.
نائب القوات في البترون فادي سعد يوصف الحالة وفق الوقائع التي اختبرها “ميدانيًّا”، ويكشف لـ “ليبانون ديبايت”، أنّه لم يكن هناك مفاجآت بالنسبة الى القوات لناحية “إخلال” التيار بإتفاق معراب، لاسيما وأنّ التاريخ معه حافل بخطوات مماثلة.
ويشير، إلى أنّ القوات رجحت خيار “الإخلال” منذ البداية وإمكانية “لحس التيار” لإمضائه على أوراق التفاهم، ولكن ما كانت تنتظره من رئيس الجمهورية ميشال عون أبعد بكثير من تعيينات وغيرها من الامور التفصيلية، فالأساس كان تحقيق برنامج واضح يمتدّ على سنوات يتضمن مشاريع تنقذ البلد، ولكن ما نراه اليوم بحسب سعد يجعلنا ندعو لكي لا تصاب حكومة الى العمل بشللٍ، أو ننتظر حكومة ثالثة ورابعة.
يرفض سعد بالمبدأ وجود تيار “الرابية” و”ميرنا الشالوحي”، فرئيس الجمهورية الذي انتخبناه يمكنه اليوم الضغط على التيار، لاسيما وأن الاكثرية الساحقة من مؤيدي “الوطني الحر” هم مع الرئيس عون واحترموا قراره المتعلق بدعم باسيل لرئاسة التيار.
وما يسري على العلاقة بين “القوات” و”التيار”، ينسحب ايضًا على مقاربة الملفات الضاغطة في البلد والتي تشلّ العمل الحكومي. وفي السّياق يستغرب سعد إعطاء حادثة قبرشمون هذا البعد السياسي وتعطيل مجلس الوزراء على خلفيتها في حين أنّ الوضع إذا ما استمرّ على ما هو عليه فهو سينعكس سلبًا على الجميع من دون استثناء.
ويؤكد سعد، أنّ مجلس الوزراء عائد الى العمل حكماً ولكن ما يتم بحثه اليوم هو الاخراج المناسب لهذه العودة لحفظ ماء وجه الاطراف، محذراً في الوقت عينه من أي مشروع يمكن من خلاله استهداف الحزب التقدمي الاشتراكي وهو بحسب عضو تكتّل الجمهورية القوية، مرفوض وسيواجه مهما كانت كلفته لأنّ “القوات” او أيّ فريق حليف لن يقبل بأن تعود عقارب الساعة إلى الوراء.
وبرأي سعد الشخصي، فإنّ الطريق الأنسب لحادثة قبرشمون هي القضاء الجزائي بعيدا من المحاكم الاستثنائية المرفوضة في مثل هذه الحالات.
هذه القراءة، تؤكّد ايضًا، أنّ “القوات” ماضية في سياسة التصعيد، ومقاربة رئيسها سمير جعجع لحواره مع الرئيس عون بهذه الطريقة يعكس بداية مسار جديد للعلاقة بين العهد وحزب القوات الذي نأى بنفسه طيلة الفترة الماضية عن أي كلام “انتقادي” ومباشر لرئيس الجمهورية وتحديدًا من جعجع، ولكن اطلالة الخميس رسمت مسارًا جديدًا بين معراب وبعبدا يعكس بداية تكوين فريق معارض للعهد هدفه الاساسي منع تكرار سيناريو ميشال عون جديد في بعبدا.