“ليبانون ديبايت”- ملاك عقيل
مع إدعاء مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم، على 21 شخصاً في حادثة قبرشمون – البساتين، بينهم أربعة موقوفين، بجرم إطلاق النار من أسلحة حربية غير مرخّصة، وقتل ومحاولة قتل مدنيين، وإحالته الملف مع الموقوفين على قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان، يستكمل ملف قبرشون مساره القضائي بليونة في مقابل تحجّر وتصلّب “شرايين” الوساطات المفترض أن تقود الى حلحلة سياسية تسمح بمعاودة انعقاد جلسات مجلس الوزراء.
الشهر الثاني للأزمة يشقّ طريقه بسلاسة وسط المعطيات الآتية التي تظلّل التفاوض المتنقّل بين المقرّات:
- ثمّة قناعة رئاسية يعكسها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، معطوفة على تسليمٍ من وزير الخارجية جبران باسيل، بأنّه كان المقصود الأوّل بعمليّة الاستهداف في الجبل وليس فقط الوزير صالح الغريب الذي عَلِق في خرم “الكمين” المفترض ربطاً فقط بعدول باسيل عن زيارته الى منطقة كفرمتى وإلا، وفق تأكيدات قريبين، من باسيل “لكانت المجزرة أكبر”!
- وَضع النائب السّابق وليد جنبلاط إحالة ملف حادثة قبرشمون في كفّ ومصير المختارة والدروز والطائفة والجبل في كفٍّ آخر، في مقابل تطرّف إرسلاني بإقتناص الفرصة “التاريخية” بالانقضاض على جنبلاط الى حدّ دفع بعض الحلفاء الى إطلاق إشارات تنبئ بالتحذير من السقف العالي لدى النائب طلال إرسلان ومن الاستمرار في تعطيل الحكومة.
- وفق معلومات مؤكّدة، لا قرار لدى “حزب الله” بفتح جبهة مع جنبلاط أو “كسره”. واقعٌ يؤكّده بعض حلفاء الحزب، من دون أن ينسوا التذكير بأنّ زعيم المختارة أزعج “حزب الله” كثيراً في الآونة الاخيرة “بسبب تصرّفاته غير المسؤولة والقصيرة النظر”!
دوران التسويات السياسية لحادثة قبرشمون في الحلقة المفرغة كَسَره موقف وئام وهاب الذي أوحى بأنّ ثمّة من يستعجل حلّ تأخير التوصل اليه بات ثقيلاً جداً على الجميع، حيث أشار الى أنّ مسار جريمة قبرشمون في المحكمة العسكرية “يبدو أنّه يسير بشكلٍ ممتاز لذا لا نرى مبرّراً لتأخير الدعوة الى عقد جلسة حكومية”.
موقفٌ أوحى ببدء ظهور تمايزٍ في البيت الدرزي المناهض لجنبلاط، وطرح تساؤلات حول مدى تبني “حزب الله” لهذا الطرح.
يقول وهاب في حديثٍ الى “ليبانون ديبايت”، “أنا أقف بالطبع الى جانب إرسلان، فهو صاحب الدم وصاحب القرار. لكنني أعتبر أنّ الإدعاء الذي حصل وإحالة الملف الى قاضي التحقيق العسكري هو تصرّف جدي من قبل المحكمة العسكرية، والمواد التي أحيل على أساسها المعتدين ممتازة، ونحن نشهد تطبيقاً للقانون، وهذا مؤشرٌ جيّدٌ لمعاودة جلسات الحكومة”.
ويضيف:”لا بدّ من استكمال مبادرة اللواء عباس ابراهيم القاضية الى طرح الملف في أول جلسة لمجلس الوزراء ويكون التصويت “مدروساً” على أساس 15 ب 15″، مؤكداً، أنّ “الوضع لم يعد يحتمل المزيد من التأجيل والتعطيل، وعلى هذا الاساس على رئيس الحكومة سعد الحريري أن يدعو فوراً الى جلسة لمجلس الوزراء”.
وعن مدى تبنّي “حزب الله” لهذا الطرح، في وقتٍ تشير المعلومات الى سقوط خيارِ التصويت نهائيّاً بسبب رفض الأكثرية له، يقول وهاب:”حزب الله منذ اللحظة الاولى كان مع خيار الحلحلة، لكنه كما أعلن السيد حسن نصرالله لا يترك حلفاءه ولا يقرّر عنهم”.
ويؤكّد وهاب في سياق الحديث عن “هواجس” رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي التي تدفعه الى مزيدٍ من التشدّد في رفض إحالة الملف الى المجلس العدلي، أنّ “جنبلاط غير محقٍ إطلاقاً في هواجسه، فلو كان مستهدفاً من قبل سوريا هو يعلم تماماً أنّ الوضع لكان اختلف كثيراً”، قائلاً لرئيس الحزب الاشتراكي “نصيحة… ما بقى تعيدها”.
ويشير، الى أنّ “أساس المشكل هو قطع الطريق أمام موكب الوزير صالح الغريب وهذا أمرٌ مرفوضٌ ويجب معالجته… وإلاّ الناس ستأخذ حقّها بيدها”.
وفي سياق التطوّرات التي طرأت على المفاوضات الاخيرة، تؤكّد مصادر مطلعة، أنّ “بعض التفاصيل، أخّرت ليل الأربعاء، بلورة مسعى كان يفترض أن يقود الى دعوة مجلس الوزراء الى الإنعقاد بداية الاسبوع المقبل، لكنّ هذا المسعى لا يزال مستمراً ويفترض أن يتكامل مع جهدٍ حقيقيٍّ لتحقيق المصالحة على المستوى الدرزي، ويتطلب بدوره جولة جديدة من المساعي”.
وتكشف المصادر، أنّه “بات هناك قناعة تقريباً لدى الجميع بأنّ المسار القضائي في المحكمة العسكرية يجب أن يُستكمل لكن على قاعدة عدم التدخل في شؤون المحكمة وممارسة ضغوط على بعض القضاة المعنيين بهذا الملف”.
وفيما تؤكّد المصادر، أنّ “جنبلاط أبلغ صراحة الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري عن توجّسه من ضغوطٍ بدأت تُمارس فعلاً على المحكمة العسكرية لفرض توجهات معينة على المسار القضائي من قبل جهات وزارية”، فإنّ المعلومات تفيد بأنّ الحريري وصلته “المعطيات” نفسها، لكنّ بعض الأوساط تشير الى أنّ هذا لا يعني أنّ التدخلات أدت الى نتيجةٍ، فالمسار قائم ومستمر ضمن الشروط المقبولة والمستندة الى تحقيق “شعبة المعلومات”.