كتب محمود القيسي : عمرها ما كانت مشكلتنا مع الله،
مشكلتنا مع الذين يعتبرون أنفسهم بعد الله.
هؤلاء الذين أعطونا الساعات واخذوا الزمن,
أعطونا الأحذية واخذوا الطرقات,
اعطونا البرلمانات واخذوا الحرية,
أعطونا العطر والخواتم واخذوا الحب,
اعطونا الاراجيح واخذوا الأعياد,
أعطونا الحليب المجفف واخذوا الطفولة,
أعطونا السماد الكيماوي واخذوا الربيع…”
“NGOs”، أو المنظمات الغير حكومية (Non-governmental organization، واختصارها: NGO) هي منظمة ذات مصلحة عامة وهي لا تخضع لحكومة ولا لمؤسسة دولية كما تقول وتكذب ويكيبيديا علينا في محطات كثيرة. ولا يمنع ذلك أن تتعاون أو تتلقى مساعدات وتمويلات من (بعض الحكومات) الغير معروفة والمشبوهة في نشاطاتها وأهدافها المشبوهة. كما أنها تأسست و(تنشط دون رقابة) من (الحكومات الوطنية)، أي دولة في داخل الدولة والمجتمع تعمل من خلال دولتها الخاصة العميقة محليًا وداخليًا وخارجيًا. عرّفت ويكيبيديا إحدى أهم محركات غوغل الطائرة في فضاء المعلوماتية ال ( إن جي أو ) بشكل كلاسيكي تقليدي مجحف أكلت عليه الشعوب المقهورة من أموالهم المسروقة وشربت على إنها مجرد “منظمة غير حكومية منظمة” ليست جزءًا من الحكومات الرسمية ولا نشاطًا تجاريًا تقليديًا هادفًا للربح لها. بل، مجرد (حب وغرام وعطف) على الشعوب المقهورة والوقوف معها لوجه الله تعالى جلّ جلاله وعلا… وأضاف أكبر محرك للمعلومات في تاريخ المعلومات المعروفة والغير معروفة فوق طاولات الأمم والشعوب وتحتها وحولها: أن ال”إن جي أو”، كما تعيد وتكرر ويكيبيديا على الصفحة ذاتها على غرار الببغاوات البرجوازية القديمة والجديدة والمستجدة والميني دول العميقة في مناطق الاستبداد والنزاعات والتفقير المقصود بدقة متناهية على إن (NGO) ليست سوى منظمة غير حكومية (Non-governmental organization) وهي منظمة ذات مصلحة عامة كما جاء أعلاه.. وهي لا تخضع لحكومة ولا لمؤسسة دولية. ولا (يمنع) ذلك أن (تتعاون) أو (تتلقى) مساعدات أو (تمويلات) من (بعض الحكومات) والدول العميقة ذو المصالح العميقة إذا جاز التعبير وسمحت أجهزتها العميقة…
هذا دون ذكر، أو الغوص في أنها (تأسست وتنشط دون رقابة من الحكومات الوطنية), أو من بعض الحكومات الوطنية التي هي أساسًا من زراعة وإنتاج وإدارة وتسويق وتوظيف الدول العالمية العميقة. وقد جرت العادة أيضًا أن تطلق عبارة NGO على الأشخاص (المعنويين) دستور من خاطرهم.. وهم (مجموعات ذات شخصية قانونية) ممن لا تكون أهدافهم ربحية بل إستراتيجية إذا جاز التعبير.. واهدافها من خلال ما يسمى زورًا وبهتانًا المجتمع المدني وأجيال التوك توك، وخصوصًا الطبقات الفقيرة المعدمة، وبالأخص من شرائح مجتمعات اللجوء، والنزوح والهجرة في أوساط الفئات العمرية “المراهقة” على مبدأ من شب على شيء شاب عليه.. حيث ان الفقر هو صنو الجهل وصنو المرض ومتى اجتمع الثلاثة كفر الشعب بالوطن ومات فى النفوس كل شعور وطنى وتربية وطنية. نعم، يمولون في الأغلب من (أرصدة خاصة).. نعم، أرصدة خاصة جدًا وحسابات ورياضيات وفيزياء وكيمياء غير معروفة أو غير مالوفة في عالم ما بعد الحداثة التفكيكية ودولته – دولة ما بعد الحداثة العميقة. ولهذه المنظمات خصائص تثير الريبة والشك الذي يتلاشى أتوماتيكيًا مع الجوع والفقر والحرمان.. والحاجة كما تعلمنا هي أم الاختراعات والتنازلات والركوع والسجود إذا أقتضى الأمر في حقيقة الأمر – حقيقة الآمر الناهي.. نعم لهذه المنظمات خصائص تثير الريبة والشك في اليقين وفي عين اليقين.. وبالأخص الأسباب التاريخية لتأسيسها، وتوظيفات أهدافها القصيرة والمتوسطة وطويلة المدى المشبوهة ونشاطاتها الغير ربحية كما تدّعي وتدعو .. وأسمعوا وعوا يا اهل الفطنة والعقل والحكمة. هذا ناهيكم عن الاستقلالية المالية التامة وكأن السماء تمطر دولارات وعملات صعبة أخرى من اليورو إلى الفرنك السويسري إلى البوند الاسترليني وصولًا إلى الأهداف والمصالح العامة في العلن والأهداف والمصالح الخاصة في السر وما أخفى…!؟!
في حين يقوم عمل تلك المنظمات غير الحكومية في تدخلها وتداخلها ومداخلاتها على المستوى الدولي، رغم أن العلاقات القانونية الدولية تتم في العادة بين الدول أو الحكومات عمومًا وخصوصًا. وفي هذه الحالة فنحن إزاء منظمات غير حكومية دولية وتسمى أيضا جمعيات أو منظمات التضامن الدولي (ASI). المنظمات غير الحكومية التي لها فروع في عدة دول في القارات الخمس.. في ظل العولمة الحالية غير المتوازنة والظالمة في معظم جوانبها والتي سقطت قبل قيامها دون ان يعلنوا وفاتها. في حين ما زالت بعض الدول الرأسمالية الغربية العظمى تراوغ بدماء الشعوب والحروب العبثية مرتع المنظمات وعفاريتها الغير حكومية.. وعملها بالوكالة وتوكيل المال السياسي وعفاريت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من اولاد البلد المكبوت والمنكوب… أصبحت المنظمات غير الحكومية الدولية بما لها وما عليها أو كما تصف وتقدم نفسها من (مبادئ أخلاقية وإنسانية ضرورية لوضع الضوابط الأخلاقية للعولمة). نعم أيها السيادات والسادة والشباب والصبايا والمراهقين والمراهقات.. بالفعل فقد أدت ال NGO دورًا هامًا حيث تمكنت من إقناع العديد من الدول والشعوب بمدى خطورة بعض الإستراتيجيات العابرة للقارات في أشارة خبيثة للصراعات المحتدمة بين الرأسماليات و الإمبرياليات القديمة والصاعدة في ملاعب الشعوب النامية والغنية بالثروات الطبيعية على قاعدة من (دهن الشعوب سقيلا) نسرقهم بالمليارات ونعطف عليهم بالقروش و الملاليم كما هي الحال في لبنان هذه الأيام العبثية بإمتياز عبثي وامتياز عدمي وجوديًا..
هناك أسئلة، أو مجرد “تساؤلات”.. مجرد تساؤلات أو بالأحرى مجرد سؤال واحد، سؤال واحد فقط إذا جاز أو خانني التعبير رحمة بقلبي الصغير.. أو هناك مجرد “شيء”، شيءٍ مريب.. عجيب، وغريب يثير الشك والشكوك.. أو ربما مجرد “أحجية” تستدعي العرافين، و العرافات، وقراءة الكف، والفنجان والضرب بالرمال في دولة الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين المحتلة من النهر إلى البحر ومن البحر إلى النهر.. سؤالًا أو شيئًا ما يحيرني، ويثير فضولي ولا أجد له تفسيرًا حول حقيقة انقسام المنظمات الغير حكومية NGOs المنقسمة على نفسها وذاتها وزيتها في فلسطين المحتلة بين الفلسطينيين من ناحية.. والمحتلين الإسرائيليين من ناحية أخرى.. رغم معرفة الصغير في السياسة قبل الكبير، ان المنظومات والمنظمات والتنظيمات الغير حكومية والغير ربحية، كما تدّعي ويدعون تشرب من نفس (((الكأس المقدس))) في مواخير وأقبية ودهاليز وتقاطعات الدولة العميقة في توظيف التوظيفات وإدارة تلك التوظيفات وتغذية الصراع من هنا ومن هناك؟!… رحمة بعقلي، هل من أحدٍ لديه جواب عن حقيقة وطريقة عمل وحدة وصراع تلك المنظمات في فلسطين المحتلة خصوصًا وتخصيصًا وبالأخص في أخطر ثنائية في فلسفة وعلوم الثنائيات والمؤامرات التراكمية والنوعية.. وأخص بالذكر ال(إن جي أو مونتور) الإسرائيلية وأخواتها من قبل ومن بعد رغم تنوع وتبدل الأسماء والمسميات والتسميات..!؟!
لا شك أن دور تلك المنظمات المشبوهة يتعاظم في شرايين المجتمعات، وتسرح وتمرح مع العجز عن درك إدراك إصلاح هذا العالم عن سابق إصرار رأسمالي وترصد رأس المال المالي وقيمته وقبلته المالية الزائدة من خبرات وخيرات ودموع ودماء الشعوب قاطبة.. وفيروس كوفيد 19 الأيديولوجي على ما أقول لهو أكبر دليل… كما ان المنظمات الغير حكومية العميقة التي تصف نفسها بالأخلاقية والإنسانية والناشطة دوليًا وعالميًا ضد من تصفهم بالبيروقراطية من صندوق النقد الدولي إلى البنك العالمي إلى المنظمة العالمية للتجارة الحرة إلى هيئة الأمم الأممية المتحدة. ليست في حقيقة الأمر سوى وسائل وأدوات منذ قيام “الدولة العميقة”، والذي أطلقت معه التسمية في تركيا في تسعينيات القرن الماضي حين تصدى الجيش لمهمة الحفاظ على علمانية الدولة التي أنشأها كمال أتاتورك ومحاربة كل ما يهدد مبادئها. ومن بعدها عممت على الحالات المشابهة بما فيه (السابقة عليها) كأميركا. حيث قامت الدولة العميقة في الولايات المتحدة (منذ إنشاء وكالة الاستخبارات المركزية) وقيام (وول ستريت الممثل لمصالح الرأسمالية) العالمية الكبرى، وضم لهذين القوتين (الإعلام كليًا بتملك رأس المال له)، إلى ان حدث الخرق التكنولوجي الحديث الذي يحاول تحرير الإعلام رغم ان أثره ما زال محدودًا في الصراع بين مفهوم الدولة التقليدية من ناحية التقليدية المريضة والتكنولوجيا الذكية المتفلتة في ذكائها الاصطناعي الذكي الذاتي الخالص المرعب من ناحية أخرى، والغير كاف لوضع أميركا والرأسمالية العميقة على مرحلة تغيير تصحيحي لبنية الدولة العميقة كما تدعي وتدعو الرأسمالية الأقوى وشياطينها وعفاريتها من الإنس والإنسان!؟!
نعم، نعيش الان ونموت في لبنان الهزات السياسية والزلزال المالية والانهيارات الاقتصادية والاجتماعية الوجودية وتداعياتها الارتدادية نتيجة انكشاف السلطة السياسية والاقتصادية والمالية الفاسدة والتي هي أساسًا صناعة أتحاد منظمات حكومية نظامية عميقة تاريخيًا مع توكيل منظمات غير حكومية قديمة جديدة تعمل في لبنان المستهدف مع ومن خلال أحزاب السلطة اللبنانية الطائفية المشبوهة والمشتبهة والفاسدة والشريك الحصري في إنهيار لبنان الذي وصل إلى قعر جهنم الحمراء في العهد العوني.. العونية التي ما زالت على قيد الحياة حية ترزق وتتمتع بكل المكاسب والسرقات والتوظيفات الفردية والجماعية التي حققتها خلال حكم (لبنان القوي) في حين مات لبنان الوطن والمواطنة التي أصبحت أوهن من بيت العنكبوت.. مات البلد بين حراك السلطة الفاسدة وحراك التاسع عشر من شهر تشرين الثاني 2019 المشبوه الذي قادته في العلن النخب اللبنانية الانتهازية وقادته في السر وحقيقة السر إتحاد المنظمات الغير حكومية ودولتها العميقة في أخطر وأبشع ثنائية عرفها الشهيد لبنان شهيد الولادة منذ ولادته المشبوهة أيضًا وأيضًا قبل مئة عام وعام من العزلة عن دولة المواطنة والدستور العصري الحديث…
نعم، الحراك الذي شكل الجانب الأخر في الف باء وياء نظرية المؤامره التي وقع لبنان وشعبه فريسة لها في دهاليز شباكها المشتركة وأقبيتها الداخلية المتقاطعة والخارجية المتقاربة التي أنتجت السلطة القائمة بأنتخابات (شرعية) على طريقة (الديمقراطية السوداء) كما ذكرها يومًا من الأيام جان جاك روسو قبل ثلاثمية عام والتي تمخضت حيلها وألاعيبها فولدت وولّدت نواب المختبرات والتجارب التغييرين.. كما تمخضت إعادة أنتخاب وولادة وحوش وقوارض الطبقة السياسية السابقة مكرر معجل على صدى صراخ وصرخات شعارات الحمل الزائف والمشبوه (((كلن يعني كلن))) بكل اصنامهم ورموزهم وزعماءهم من أنصاف الآلهة وأبنائهم وأحفادهم في أكبر عملية تسلم وتسليم هادئة بين الاب الإله والابن الإله والحفيد الإله في مراسم تجديد الولاء إلى قداسة آلهة الوراثة الطائفية المقدسة تحت قوس نتائج الحراك المبهرة!
من عجائب وغرائب السياسة في لبنان ان السلطة والمعارضة تكيل في ذات المكيال ذاته، وتستعمل الأدوات والوسائل ذاتها، والمزرعة ذاتها والجمهور ذاته.. كما تضرب السلطة على الحافر ذاته، والمعارضة تضرب على المسمار ذاته، ويتبادلون الأدوار ذاتها ويتقاسمون الغلة ذاتها.. والشعب الطائفي ذاته يهتف لهما عند كل استحقاق – الاستحقاق ذاته.. اتفقوا سياسيًا على ان لا يتفقوا.. واتفقوا سياسيًا على ان لا يختلفوا… أولاد المكيافللية الحرام، اختلفوا في الظاهر على ساعة واحدة تقديم او تأخير.. واتفقوا كلن يعني كلن من يهوذا الإسخريوطي إلى بروتس الروماني إلى مسيلمة الكذاب على بيع الوطن او ما تبقى منه في هذا الزمان وفي هذا المكان… دون ترك ساعة واحدة.. او حجر واحد على حجر… يقول كارل ماركس صاحب كتاب “رأس المال” النص النظري التأسيسي في الفلسفة المادية والاقتصاد والسياسة: ‘التاريخ يعيد نفسه مرتين، المرة الأولى كمأساة والثانية كمهزلة’.. عاصرنا في لبنان الكثير من المآسي التاريخية.. ننام ونستيقظ عليها.. نستيقظ وننام عليها.. ننام على المأساة.. ونستيقظ على المهزلة!