رائد الخطيب
بعد ان أفشلت المصارف خطة التعافي المالي لحكومة حسان دياب في ال ٢٠٢٠، اقترحت خطةً بديلة تقوم على انشاء صندوقٍ خاص توضع فيه املاك الدولة لكي يديرها مصرف لبنان ويسترجع خسائره المحققة من الارباح السنوية لتلك الأملاك. وبهذا يكون قد دفع المواطنون اللبنانيون حصراً ثمن الانهيار، بدل ان تشارك المصارف في تحمل الجزء الاكبر من الخسارة.
الجديد بالموضوع ان المصارف اعادت طرح هذه الخطة الان على اعتاب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتشي الاخبار الواردة بأن هناك اتجاهاً لتبنيها من قبل الحكومة.
لكن هناك قطبةً مخفية في كل ما يحصل. فلكي تستطيع المصارف الاستيلاء على اكبر قدر من ممتلكات اللبنانيين عليها ان تخفض قيمة كل مرفق من مرافق الدولة لكي يتم تقويمه بسعر بخس عند ضمه للصندوق.
وللوصول الى ذلك الهدف على الحكومة ان تترك كل المرافق تسير الى الانهيار بسرعة.
فمطار رفيق الحريري الدولي اصبح شبه فارغٍ من المراقبين الجويين بسبب عدم زيادة رواتبهم، مما سيؤثر على قدرة استيعابه للطائرات وبالتالي انخفاض مداخيله بصورةٍ كبيرة، وهذا ما سيخفص تلقائيا التقويم المالي للمطار، فبدل احتسابه ب ٥ مليارات دولار، يتم تقويمه بمليارين.
كذلك شركات الخلوي التي تتعمد الدولة ابقاء اسعاره منخفضة جداً لدرجةٍ ان المداخيل بالليرة اللبنانية لم تعد تكفي لصيانة الشبكات التي يتم دفع تكاليفها بالدولار الفريش. وقد استقال اكثر من ٢٥% من الموظفين حتى الان في تلك الشركات بسبب عدم رفع رواتبهم بحجة ان مدخول الشركة لا يكفي.
ولا يخفى على احد ان الكفاءات التي تحتاجها شركات الخلوي لادارة الشبكة (كما الحال بالنسبة للمراقبين الجويين)، مطلوبة بقوة في السوق العالمي وبالتالي فإن مغادرة تلك الكفاءات ستوثر على نوعية الخدمة التي يتلقاها المواطنون بصورة مباشرة.
وبعد ان كانت كل شركة ترفد الخزينة بحوالي ٧٠٠ مليون دولار سنوياً، اصبحت تخسر حالياً. وبعد ان كانت كل شركة تقيّم بحوالي ٥ مليارات دولار، فإن تقويمها الجديد لن يتعدى مليار دولار في احسن الاحوال.
وهذا يعني ان المصارف ستستولي على شركات الخلوي بثمنٍ بخس، ثم ستعمد الى زيادة الاسعار لكي تحصّل مداخيلَ مرتفعة من الشعب اللبناني، لتغطية خسائرها التي تسببت هي بها.
نفس الشيء ينطبق على عددٍ من مرافق الدولة الحيوية الاخرى.
الحكومة الحالية مدعوة الى انقاذ تلك المرافق بسرعة والا فإنها ستكون مشاركةً بالجريمة التي يتم تتفيذها، وسيتحمل الشعب اللبناني اكلافاً اضافية هائلة فوق ثروته التي خسر معظمها خلال السنتين الاخيرتين.