حملات استهداف رئيس الحكومة، وتطويق صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء، مستمرة ولو على حساب خراب البلد، وآخر فصولها إطلاق إشاعات عن قرب استقالة الرئيس سعد الحريري!
لم يعد خافياً أن مثل هذا التكتيك القديم – الجديد، يحاول أصحابه ممارسة المزيد من الضغط على رئيس الحكومة لفك تفاهمه مع النائب السابق وليد جنبلاط، والذي تمّ برعاية الرئيس نبيه برّي، وذلك في إطار الهجمة الشرسة التي تتعرّض لها الزعامة الجنبلاطية، والتي يسعى أصحابها المحليون والإقليميون إلى استئصال زعامة المختارة من البيت الدرزي، وطيّ صفحة عريقة في تاريخ الطائفة الدرزية يعود تاريخها إلى أكثر من مئتي سنة.
وفي الوقت الذي يُردّد فيه الوزير جبران باسيل: «إننا لا نريد إلغاء أحد، ولا شطب أحد من الخريطة السياسية، ولا استهداف أحد في المعادلة الوطنية»، فإن كل الوقائع والملابسات المحيطة بحادثة قبرشمون وتداعياتها الأمنية، الطبيعية منها والمفتعلة، تُشير إلى وجود خطة لعزل الزعامة الجنبلاطية عن القوى السياسية الأخرى، تمهيداً لاستفرادها وإسقاطها بالضربة القاضية.
ولكن حسابات الحقل لم تتطابق مع حساب البيدر، حيث تلاقى العديد من القوى السياسية، مثل «المستقبل» و«القوات» و«الكتائب» و«الأحرار» و«المسيحيين المستقلين» على الوقوف إلى جانب زعيم المختارة، من موقع الحرص على هذه الزعامة التاريخية، والتي تشكل مدماكاً في صرّح الميثاق الوطني، لا يستطيع أحد تجاهل دوره الوطني وموقعه التاريخي العريق.
وعلى الصعيد الدرزي، قوبلت هذه الهجمة برفض واسع من فاعليات ومرجعيات الطائفة، بل إن ثمة مجموعات وشرائح كانت محسوبة على الزعامة اليزبكية، أعلنت التفافها حول الزعامة الجنبلاطية، التي تجسّد مصالح وطموحات طائفة الموحدين الدروز.
سيخرج وليد جنبلاط من هذه المعركة السياسية الشرسة أقوى مما كان قبلها، وطنياً ودرزياً… إلا إذا قرّر خصومه تحويل المعركة السياسية إلى مواجهة أمنية على الساحة الدرزية، فعندها يصبح لكل حادث حديث، حيث يكون المغامرون الجدد قد انزلقوا إلى اللعب بنيران الفتن، التي نعلم كيف تبدأ… ولكن لا أحد يعرف كيف ستنتهي!