جاء في وكالة “أخبار اليوم”:
تتحضّر كل القطاعات لمرحلة بدء فكّ الحَجْر التدريجي، بعد فترة “التعبئة العامة” التي تسبّب بها انتشار فيروس “كورونا”، ومنها القطاع التربوي.
وبمعزل عن مستقبل الإمتحانات الرسمية، وإكمال المناهج التربوية، والمشاكل التقنية النّاجمة عن ذلك، نحذّر من شهيّة البعض على إجراء مقارنات مع ما قد يحصل في الخارج، بلا مراعاة للإمكانات والضرورات الموجودة في لبنان.
صيف لبنان…
فمثلاً، تمديد العام الدراسي ليشمل أشهر الصيف كلّها، أو الإكتفاء باقتطاع جزء من شهر آب كمدّة لتوقيف الدّروس، لا بدّ له من أن يلحظ أيضاً أن صيف لبنان يختلف عن صيف دول أوروبية كثيرة، أي انه أشدّ حرارة. فيما ليست كل المدارس اللبنانية مجهّزة بوسائل التبريد اللّازمة، لانتظام القدرة على إعطاء الدّروس من قِبَل الأساتذة من جهة، وإمكانية استيعابها من قِبَل الطلاب، من جهة أخرى.
فضلاً عن أن تقسيم الطلاب الى فِرَق تحصل على الدّروس مُداورَةً، لا بدّ له من أن يلحَظ أيضاً مشكلة أن بعض المدارس “تضغط” صفوفها بأعداد هائلة من الطلاب في الصفّ الواحد، وهو ما يستوجب تقسيم إعطاء الدّروس في تلك الحالة الى ثلاث حصص في المادّة الواحدة، بدلاً من اثنَتَيْن، للصفّ الواحد.
بالإضافة الى مشكلة باصات المدارس، التي إذا أردنا أن نكون منطقيين، قد لا يُمكن شطبها من المعادلة المدرسية الجديدة. فربّما يتمّ تقليل أعداد الطلاب فيها احتراماً لشروط التباعُد الإجتماعي، وهو ما يعني فوضى في “النقليات”، قد تجعل بعض المدارس تُطالب الأهل بأعباء مالية إضافية أيضاً، وذلك بمعزل عن آنيّة انخفاض أسعار النّفط، ونتائجه القريبة. وهذا كلّه قد يرتدّ بدوره على الأساتذة ورواتبهم، ويجعل القطاع التربوي أمام مشاكل إضافية، من نوع جديد.
حاضرون دائماً؟
عن تلك المشاكل المتوقّعة لمرحلة ما بعد فكّ الحَجْر الصحي، أشار نقيب المعلمين في المدارس الخاصّة رودولف عبود الى “أننا كمعلمين، نبقى حاضرين دائماً للعمل. ومهما كانت الإجراءات التي ستُتَّخَذ، لن تكون حجة لتخفيف الرواتب، مهما علَت الأصوات المطالِبَة بخلاف ذلك”.
ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “الأهل قد يُطالبون بتخفيف الأقساط، في الإطار المُرتبِط بالموازنات المدرسية، وربما يكونون على حقّ في بعض الأمور. أما الأفكار التي تتحدّث عن إعطاء الأستاذ أساس راتبه فقط، فهذه لا نفهمها، وهي غريبة وغير مقبولة”.
وشدّد على أن “الراتب هو راتب، ولا شيء إسمه أساس الراتب وغير ذلك، ولا فصل أبداً في هذا الإطار، بين ما يُعطى أو يُحذَف منه، لأن الأمور لا تُقارَب بهذه الطريقة”.
90 في المئة…
وأوضح عبود: “إذا عُدنا الى التعليم خلال الشهرَيْن القادمَيْن، نكون علّمنا العام الدراسي كلّه، وذلك بمعزل عن احتساب مدّة الوقت، الذي لا يُقاس تربوياً بهذا المعنى. وبالتالي، فإن مطالبة البعض بتخفيض 25 في المئة من رواتب المعلمين، يجب أن يأخذ في الاعتبار أيضاً أن 90 في المئة منهم يضحّون منذ ثلاث سنوات بالقانون 46 وبمستحقاتهم من سلسلة “الرتب والرواتب”، وبالدرجات، ولا أحد يأتي على ذكرهم”.
وشرح: “مطالبتنا بالرواتب لا ترتبط بما إذا كنّا نعلّم عن بُعْد أو لا، وهو ما نقوم به ضميرياً، لا سيّما أننا لسنا نحن من فرَض التعطيل القسري. ولكن حتى إن الأستاذ الذي لا يعلّم عن بُعْد له الحقّ براتبه، وهذا مكفول له في القانون”.
تدابير إستثنائية
وأضاف عبود: “تُستَكمَل المشاورات حول كيفية متابعة العام الدراسي الحالي. ولا بدّ من أخذ الأمور المتعلّقة بالموقع الجغرافي لكلّ مدرسة، وحرارة فصل الصيف، وتحديداً شهر آب، في الاعتبار، بالنّسبة الى المدارس غير المجهّزة. ومن الحلول، أن تُستكمَل بعض النّقاط الأساسية في المناهج، في بداية العام الدراسي القادم. ولكن البحث لا يزال جارياً حول أفكار كثيرة، وقد نلتقي وزير التربية (طارق المجذوب) الأسبوع القادم، للتداول في سيناريوهات كثيرة”.
وتابع: “نقترح أن يكون القطاع التربوي، آخر قطاع تُستعاد حركته بعد فترة الحَجْر القسري، وذلك بعد الإنتهاء من رواسب مرحلة فيروس “كورونا” بنسبة مُطمئِنَة الى حدّ بعيد، من أجل سلامة الطلّاب، سواء كانوا كباراً أو صغاراً، وسلامة الجميع”.
وقال: “لا أحد يقول إننا سنعاود التعليم لمدّة 7 أو 8 ساعات في اليوم. ومن الممكن اعتماد تقسيمات لا تُحضِر كل المراحل والصّفوف في يوم واحد، مع مبدأ المُداوَرَة والتباعُد داخل الصفوف”.
وختم: “نحتاج الى تدابير إستثنائية لعام دراسي إستثنائي. وكلّ شيء لا يزال قيد المتابعة”.