Loading

wait a moment

No data available!

حديث المقهى ،،، مبادرة اطلقتها السيدة ليلى شحود تيشوري

ليلى شحود تيشوري تطلق مبادرة حديث المقهى من خلال مقال بجريدة البيان السياسية بعنوان : حديث المقهى
لطالما كان المقهى ملتقى الناس ، والمنصة العفوية التي تعبر عن نبض الشارع ، وعن الاتجاهات الفكرية والسياسية والاجتماعية المتنوعة ، هو مكان يأتي اليه الرواد طوعا بلا بطاقة دعوة تكبد المدعو عناء المجاملة . وهو الوجهة التي يؤمها جميع الطبقات حيث ينشدون الهدوء مع الالفة ، والتأمل من زاوية تشدهم اليها ذاكرة المكان ، وحيث يتبادلون اطراف الحديث مع الاصدقاء والاصحاب والرفاق ويعبرون عن الاراء بحماس جمعي يجعل من المقهى متنفسا للذهن والنفس وللقلب وملاذا لقراءة كتاب على وقع رشفات القهوة او الشاي الذي أطلق عليه تاريخيا تسمية ” خمرة المفكرين “.

كان للمقهى في التاريخ جميل القصص الانسانية من تماحك عقول المثقفين الكبار والباحثين والمؤلفين والمناضلين الوطنيين وقد انبثقت منه عظيم الافكار التي طارت بأجنحتها الى المجتمع بايجابيتها وبثرائها وبمضمونها الهادف وأحدثت تغييرا نوعيا في مسارات اعتقد الناس انها لن تتبدل .

نقول هذا في ظل ضعف الدور التنويري لوسائل الاعلام المرئية التي تعتبر الاكثر تأثيرا على الجماهير لانها تقتحم كل بيت وتخاطب كل أسرة ، وبدلا من ان يكون التلفاز اداة معرفة وتثقيف ، فانه بات وسيلة تجهيل وتضليل استنادا الى برامج الصحافة الصفراء التي تستدرج الاعلانات التجارية بما يعني ذلك استقطاب اكبر عدد ممكن من المشاهدين لرفع نسبة مايسمى بالرايتنغ ، مع احترامنا وتقديرنا للقنوات التلفزيونية الهادفة .

يقابل ذلك المؤسسات والمراكز الثقافية التي هي منارات المدن اللبنانية ، والتي غالبا مايؤمها النخب الثقافية ، و جمهور مهتم بتلقي الثقافة وهو على الارجح من الطبقة الاجتماعية المتوسطة ، وتعتبر مشاركة أهالي المناطق الشعبية ضئيلة جدا ان لم نقل معدومة . وذلك بسبب الحاجز الاجتماعي بين الاماكن التي تنتشر فيها هذه المراكز وبين مناطق الحرمان ، ناهيك عن ضعف الحافز لدى هؤلاء للمشاركة ببرامج وانشطة يعتبرونها من وجهة نظرهم لاتحاكي همومهم ولا مشاكلهم مباشرة ، وهم الغارقون بمشاكل الفقر والبطالة والحرمان ، واذا نظرنا الى مراكز الجمعيات الكائنة في المناطق المهمشة فانها تعاني احيانا كثيرة من مغبة توفير الحضور الملائم لمحاضراتها او لانشطتها او للانخراط ببرامجها ، وهي – مشكورة – تبذل جهدا كبيرافي سبيل ذلك وغالبا ماتعتمد في هذا السياق على المؤثرين في هذه الاحياء .وهذا بحد ذاته مشكلة تواجهها برامج الجهات المانحة المعتمدة على منظمات المجتمع المحلية ، تلك المنظمات التي تسعى جاهدة لتخطي هذا الامر وجعل مساحة المشاركة أكبر ، وهذا لاشك ناجم عن احباط عام في هذه المناطق والمحبط يحتاج الى استنهاض الهمم والى تحفيز يجعل الافق مفتوحا للانطلاق نحو رحاب أوسع.

اذن ما العمل ؟ كيف نجعل المناطق الشعبية نقطة تفاعل ثقافي وفكري ومعرفي ، دون ان تفرض عليهم الثقافة من خلال محاضرات مملة او ندوات تقليدية تتوجه الى العقل السمعي الطوعي ؟ ان ذلك يتم ببساطة من خلال الذهاب اليهم ، الى اماكن تجمعاتهم ، الى حيث هم موجودون بتلقائية ، الى المقاهي الشعبية المشرعة الابواب نهارا ومساء ، عن طريق تشجيعهم على الحوارات المفتوحة التي يستنبطون من خلالها الافكار والاقتراحات البناءة لتحسين ظروف الحياة وتطوير المفاهيم الصحية والبيئة والاجتماعية والسياسية والوطنية ، والذهاب بهذا النقاش الى التنمية لارتباطها بمجالات الحياة الروحية والمادية ، الذاتية والجماعية ، الانتاجية والاستهلاكية ، والى ترسيخ القناعة بان الثقافة التنموية هي العمود الفقري لاي شعب له ماض يفخر به ، وحاضر يحتاج الى تطوير من اجل مستقبل متميز.

فرغم تقدم التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي الالكتروني بقي المقهى الملك المتوج على عرشه ، فلم يغادره الناس ولم يهجره طالب ود لقاء او من ابتغى تواصلا انسانيا مع آخرين يشبهونه او يختلفون عنه .

لذا ، من هنا ، من جريدة البيان الغراء ، أطلق مبادرة ” حديث المقهى ” حيث يكون المقهى الشعبي هو وجهة المثقفين ، وخبراء التنمية ، وأصحاب الرسالة الانسانية لكسر حاجز الجفاء غير المقصود بيننا وبين أهلنا في مناطق الفقر ، فلربما من حديثهم نستلهم الافكار لتطوير برامجنا التنموية بما يتلاءم مع حاجات المجتمع الحقيقية ، كيف لا وهم الهدف، هم القضية وهم أصحاب الحق الذي سلب منهم في جنح ظلام الحكم الجائر ، الذي لم يعتبر يوما ان الانسان في هذا الوطن في أعلى سلم الاولويات .

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *