لم يحجب «إحياء» العناوين السياسية الخلافية الأنظارَ عن المَظاهر المتدحْرجة للأزمة المالية وتحديداً لشحّ الدولار في الأسواق والذي بات يستولد فوضى «نقّالة» في قطاعات حياتية «استراتيجية» دخلت حلقة إضراباتٍ أعادت البلاد إلى مشهد «طوابير» زمن الحرب، كما حصل أول من أمس أمام محطات البنزين التي توقّفت عن العمل لساعاتٍ قبل أن يجري حلّ بعض النقاط التي كانت تطالب بها شركات استيراد النفط في ما خص آلية توفير الدولار المدعوم (بالسعر الرسمي – نحو 1507 – 1515 ليرة) من مصرف لبنان لتغطية تكلفة استيراد المحروقات (والقمح والدواء) ما أدى إلى فكّ الإضراب الذي «يتمدّد» غداً إلى قطاع الخبر مع احتجابِ الأفران عن العمل لعدم قدرتها على «الصمود» (تقبض بالليرة وتدْفع بـ «دولار السوق» بسعرٍ يناهز 1600 ليرة) ووقوف قطاع الدواء على أبواب أزمة.
وتأتي هذه الفوضى عشية يومٍ ينذر بأن يكون صاخباً في الشارع الذي يَضْرُب منذ 3 أسابيع موعداً كل أحد مع احتجاجاتٍ يُخشى أن تتحوّل فتيلاً متدحْرجاً يمكن أن يأخذ البلاد في اتجاهاتٍ «متوترة»، ولا سيما بحال تفاقمتْ الأزمات التي تمس يوميات اللبنانيين أو أظهرتْ مناقشات إقرار موازنة 2020 وإصلاحاتها خيارات ضريبية قاسية.
وفي حين يطغى على احتجاجاتِ اليوم تحرك الحزب الشيوعي اللبناني، فإن الأنظارَ ستتجه إلى ذكرى 13 تشرين الأول 1990، التي يُحييها «التيار الوطني الحر» في منطقة الحدث «على أبواب» القصر الجمهوري، في مشهديةٍ جرى الحشد لها لـ «إصابة أكثر من عصفور» بحجر واحد، أبرزُها توجيه رسالة «شعبية» بأن العهد «غير متروك» وأن «ظهْره» ليس مكشوفاً سواء بوجه ما اعتبره هذا الفريق محاولةً جرت على الأرض لتحميله مسؤولية ما آل إليه الواقع المالي والإساءة إلى موقع الرئاسة او بمواجهة مجمل خياراته الإصلاحية، ناهيك عن السعي إلى «عزْل» الحال العونية المُعارِضة التي تستعيد الذكرى نفسها اليوم بقداس (في الضبية) سيكون نجمه النائب شامل روكز (صهر الرئيس عون وغير المنتسب للتيار الحر) الذي لم ينفكّ يطلق إشارات عن افتراقه عن «خط» الوزير باسيل (رئيس التيار).