لَمْلَمَتْ جلسةُ مجلسِ الوزراءِ اللبناني أمس، ما أَمْكَنَ من شظايا «الارتجاجِ» السياسي الذي أصاب العلاقات بين أطراف الحُكْم بعد انكشاف شح الدولار الأميركي كأوّل «عوارض» للأزمة المالية التي تقبض على البلاد وما رافَقها من ارتباكٍ في الأسواق المالية واحتجاجاتٍ في الشارع سرعان ما تركت ارتداداتٍ على الواقع السياسي الهشّ.
فبعد أيامٍ من تَبادُلِ أركان السلطة الاتهامات حول المسؤولية عن الوضع المالي المأزوم على وهْج الاضطرابات التي شهدها الأسبوع الماضي، وصولاً إلى اعتبار الرئيس ميشال عون أن ما حصل من تحرّكات في الشارع الأحد «له جذور خارجية إلا أن أدواتها لبنانية»، وواضعاً ما جرى في الأسواق في إطار «المؤامرة والاشاعات» التي تستهدف لبنان والعهد، بدا مجلس الوزراء أمام اختبار القدرة على محو الصورة البالغة السلبية التي عبّرت عنها إدارةُ الامتحان الصعب الذي مرّت به البلاد والذي عَكَس بلوغ المواطنين والأسواق المالية أعلى درجات «الحساسية» حيال أي ارباكاتٍ من طبيعة سياسية أو مصرفية (مثل تقنين المصارف في توفير الدولار لزبائنها) أو تتصل بقطاعاتٍ حيويةٍ يتمحور نشاطها حول العملة الخضراء.
وخرجتْ الحكومةُ التي عقدت اجتماعها برئاسة عون بالحد الأدنى من «تصحيح الصورة»، على مستوييْن: انعقاد أوّلُ لقاء وجهاً لوجه بين عون ورئيس الوزراء سعد الحريري بعد الغيوم التي لفّت علاقتهما.
والمستوى الثاني، إدانة ضمنية من مجلس الوزراء لما رافَقَ الاحتجاجات في الشارع الأحد من تَعَرُّض لرئيس الجمهورية، وسط ملامح نصف ملاقاة من الحكومة لمنطق «مسؤولية الاشاعات» عن تضخُّم حال الهلع وتحميل ذلك ضمناً للإعلام.
ويسود ترقب لما إذا كان التعميم الذي أصدره مصرف لبنان قبل 3 أيام والذي يسمح بتوفير «المركزي» ما يشبه «الدولار الاجتماعي» (بالسعر الرسمي) لتمويل استيراد النفط والقمح والدواء سيعطي مفعوله لجهة سحب فتيل أزمة المحروقات التي كانت «الشرارة» لاحتجاجات الأحد، في ضوء ملاحظات يُبديها أطراف في هذا القطاع (كما الدواء والقمح) حول بعض آليات تطبيق هذا التعميم، وصولاً إلى تلويح بإضراب مفتوح يمكن إعلانه اليوم ويشلّ محطات البنزين.