Loading

wait a moment

No data available!

إطلاق نار على الحكومة… والحريري ضائع!

على سيرة المثل اللبناني «لم نعد نعرف إيد مين برقبة مين». الجميع يقول إنه مستهدف. إذاً، مَن هي هذه الجهة التي تمتلك القوة لاستهداف تحالفِ أهل السلطة المدعومين؟
يعتبر الرئيس ميشال عون أنّ هناك قوى تستهدفه، وهو يبحث عن مصادر تسريباتها لاتخاذ القرارات المناسبة. وبالتأكيد، هناك أيضاً حملة على قائد الجيش العماد جوزف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، اضطرت بكركي إلى التدخُّل والتحذير من عواقبها.

وثمة إشارات إلى أنّ الرئيس سعد الحريري مستهدف أيضاً، لإسقاط الحكومة. وهنا يتحدث المطلعون عن غايات عدة يريد أن يحققها أكثر من طرف داخلي وخارجي.
أما «حزب الله» فيذهب أبعد من ذلك، إذ يحذّر صراحةً من مؤامرة لضربه، من خلال «انقلاب» سياسي في الداخل، يكون الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي أحد أدواته، ويؤدي إلى «انتزاع» لبنان من المحور الحليف لإيران وأخذه إلى محور آخر. ويتهم «الحزب» واشنطن بإدارة هذا «الانقلاب» بالتناغم بين عناصر الضغط الداخلية والخارجية.
ويتضامن الرئيس نبيه بري مع «الحزب»، مع احتفاظه بما يملك من رصيد لدى القوى العربية والدولية، ومنها الولايات المتحدة. وبالتأكيد، هو يحرص على منع استهداف «الحزب» لكنه يُبقي الخيوط مشبوكة مع الجميع.
إذاً، وفق هذا التسلسل المنطقي، كل أهل السلطة مستهدفون بشكل أو بآخر. فمَن يستهدفهم؟
في الكواليس، كلام متداول على لعبة «عميقة» تدور رحاها حالياً. والأرجح انّ هناك مواجهة في الوقت الحاضر بين القوى الممسكة بالسلطة من جهة، والقوى الموجودة خارجها أو المتضررة من نهج هذه السلطة. وثمة من يعتقد أنّ قوى الاعتراض تلقى دعماً من قوى إقليمية ودولية.
وفق بعض المحللين، ما يجري هو جزء من الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة وحليفاتها العربيات ضد «حزب الله» وإيران. ولا يستبعد أصحاب هذا الرأي أن تكون للضغوط الأميركية تأثيرات حتى على الأزمة المالية النقدية القائمة.
وطبعاً، هنا أيضاً، يمكن التفكير في الحملة التي تستهدف الحكومة، من خلال استهداف رئيسها بشائعات أو بملفات قديمة، كما فعلت «نيويورك تايمز» بتعويم الحكاية عن 16 مليون دولار تزعم أنه أهداها إلى عارضة أزياء جنوب أفريقية قبل 6 سنوات.
يقول البعض: ساذجٌ مَن يصدّق أنّ الحراك المدني هو مسألة عفوية. فالمئات من المتظاهرين الذين التقوا في ساحة الشهداء يوم الاحد لم يكونوا ليجتمعوا لو لم تكن هناك كلمة سرّ معينة قد خرقتهم وحرّكتهم.
طبعاً، حجم هؤلاء لا يكفي لإسقاط حكومة أو نظام. ولكن، ثمة مَن يعتقد أنّه جزء من مشهد متكامل من الضغوط، يتناغم مع العقوبات التي تستهدف «حزب الله»؟
إذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أنّ الضغوط الحالية منظّمة وليست عشوائية او اعتباطية. وربما يُراد منها فعلاً بلوغ الانهيار الذي يحتّم إعادة البناء من الصفر. ولكن، أيضاً، ربما يكون الهدف هو الضغط إلى الحدّ الأقصى بحيث يجري التغيير بالطاقم نفسه.
يقول متابعون، إنّ الخيار الثاني يبدو صعباً، لأنّ المحاولات لإقناع هذا الطاقم بالتغيير قديمة، وقد تكرّرت على مدى سنوات، لكنها تبوء بالفشل دائماً. فأركان السلطة الحالية لم يستجيبوا المطالب بفكّ ارتباط لبنان الرسمي بـ«حزب الله».
وحتى الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي صارا أكثر تماسكاً مع «حزب الله»، أكثر من أي يوم مضى، لضرورات مختلفة، فيما كان الرهان عليه هو التوازن بالحد الأدنى للحفاظ على استقلالية القرار في الامن والمال والسياسة الخارجية عن «الحزب». ولذلك، لم يعد الوزير جبران باسيل يحظى بحرارة الترحيب التي كان يتمتع بها لدى الإدارة الأميركية.
وأمّا الرئيس الحريري، فطالما ضغط عليه الأميركيون لدفعه إلى سلوك نهج أكثر تشدداً مع «حزب الله». ولطالما وعدهم بذلك. ولكن الوعود بقيت وعوداً. وأزمة الاستقالة الشهيرة في تشرين الثاني 2017 كانت ايضاً في سياق الضغط السعودي في هذا الاتجاه، ولكنها انتهت أيضاً بلا نتيجة.
ولذلك، ليس مستبعداً أن تكون واشنطن في صدد توسيع عقوباتها لتشمل لبنان كله، تقريباً، ما دامت السلطة فيه مصرّة على عدم فكّ ارتباطها بـ«الحزب» وإيران.
ولكن، السؤال المحيِّر هو: من هي القوى التي تنخرط في المواجهة مع السلطة، بالمجاهرة أو مِن خلف الكواليس؟
لم يعد في الميدان الّا «حْدَيْدان» القوى المدنية وبعض الأحزاب. ولكن الواضح أنّ تحالف أهل السلطة يقاتل للدفاع عن رأسه. فحلفاء ايران، ومعهم الحلفاء المسيحيون، يديرون معركتهم مدعومين من «حزب الله».
وأما الحريري فهو ضائع: نِصفُه منخرط في التسوية التي لا بدّ منها للبقاء في السلطة، ونِصفُه الآخر يريد إرضاء الولايات المتحدة والأوروبيين والسعودية. وربما يكون الضغط على الحريري هو الأقوى، لأنّ الرجل هو الأقدر على قلب الطاولة رأساً على عقب… إذا ما قرَّر ذلك.
وهكذا يمكن القول إنّ الحكومة هي مركز الضغط. وقد تكون معرَّضة فعلاً للسقوط، وقد تكون معرَّضة لعملية «تأديب» لا أكثر. والأيام ستحكم.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *