ثمنت وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن للحكومة الفرنسية، “حرصها على ضمان استفادة لبنان من نتائج مؤتمر سيدر، ومتابعتها الحثيثة لهذه المسألة، وجهودها لتوفير كل الظروف التي تتيح ترجمة التعهدات المالية التي شهدها المؤتمر”. واكدت مجددا أن “الحكومة اللبنانية مصممة على تفعيل جهودها وتنفيذ الإصلاحات، ليس فقط للحصول على المساعدات الموعودة، بل كذلك للنهوض بالاقتصاد اللبناني وتصحيح مكامن الخلل في المالية العامة”.
جاء ذلك خلال الزيارة التي قامت بها وزيرة الداخلية الى كل من باريس وكركاسون جنوب غرب فرنسا، تم خلالها التوقيع على بروتوكول اتفاقية مع الجانب الفرنسي يهدف الى تنسيق الجهود الرامية الى تعزيز البلديات اللبنانية وتطويرها.
وقد استهلت الحسن زيارتها من باريس، حيث التقت نظيرها الفرنسي كريستوف كاستانير، وجرى عرض للعلاقات التاريخية بين البلدين. وشكرت خلال اللقاء “دعم فرنسا المستمر للبنان ولوزارة الداخلية على مختلف الصعد”، آملة “استمرار الدعم التقني والمساعدات لوزارة الداخلية ولاجهزتها الامنية”. وقدمت لمحة عن خارطة الطريق المتعلقة بتحسين وتطوير السجون في لبنان.
وتم البحث بين الجانبين في الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية في لبنان والتحديات التي تواجهه، وتحدثت ايضا عن انجازات القوى الامنية والعمليات الاستباقية التي قامت بها واستطاعت ان تكشف خلايا ارهابية والفضل يعود للمساعدات التي حصلت عليها هذه الاجهزة لدعم القدرات المؤسساتية”.
كذلك تم البحث في آلية تحديد احتياجات قوى الامن الدخلي من ضمن المساعدات الفرنسية التي تأتي ضمن اطار مؤتمر روما.
وشملت المباحثات ايضا، المساعدات التقنية والمادية والتي يمكن ان تؤمنها الحكومة الفرنسية مثل تحديث السجون والجرائم الالكترونية، وايضا مساعدات للدفاع المدني.
كما التقت الحسن رئيس المركز الوطني الفرنسي لتدريب موظفي السلطات الفرنسية فرنسوا ديليغا الذي شرح لها “طبيعة ومهام المركز الذي يديره والتدريبات التي يقومون بها لتعزيز البلديات، ونشاطهم ليس في فرنسا فقط بل في دول كبيرة ومهمة في العالم”.
وأكدت الحسن أن “ما يحتاجه لبنان هو دعم قدرات البلديات وليس فقط تمويلها، وجرى اتفاق على صيغة تحدد فيها الوزيرة ما هو المطلوب لتعزيز العمل البلدي”.
بعد باريس، توجهت الحسن الى مدينة كاركاسون حيث التقت الوزير لدى وزيرة تناسق المناطق والعلاقات مع السلطات المحلية المكلف شؤون السلطات المحلية في الجمهورية الفرنسية سيباستيان لوكورنو. وشددت الحسن خلال اللقاء، على متانة العلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا، وعلى اهمية مؤتمر “سيدر” بالنسبة لاقتصاد لبنان. ونوهت بالانعكاسات “الايجابية للتعاون بين البلديات اللبنانية والفرنسية”، لافتة الى انها تتطلع الى “توقيع بروتوكول اتفاقية تعاون مع الجانب الفرنسي لان من شأن ذلك ان يساعد وزارة الداخلية على تعزيز وتحسين قدرات البلديات لتصبح قادرة على التخطيط ووضع استراتيجيات وتطبيق مشاريع جديدة تساهم بتحسين الخدمات التي توفرها”.
وشاركت الحسن في المؤتمر الثالث للتعاون اللامركزي الفرنسي – اللبناني الذي حمل عنوان “تطوير التعاون اللامركزي الفرنسي – اللبناني: جزء من الدعم الحكم المحلي”. والقت كلمة قالت فيها: “ملهمة جدا هي، مدينة كاركاسون، لأهداف هذا اللقاء. ملهمة جدا، لأنها تقع على ضفة المساحة المتوسطية، كما لبنان الذي يقع على ضفة أخرى من هذا الحوض الذي يتوسط ثلاث قارات. ملهمة جدا، لأنها جسر، وصلة وصل، وهي سمة تتشابه فيها مع لبنان. ملهمة جدا، لأنها مدينة عابقة بالتاريخ، كما هو لبنان، وكما هي العلاقات اللبنانية – الفرنسية، الضاربة جذورها في الزمن، على كل المستويات وفي كل المجالات، الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، كما حجارة القلعة التي تستريح في أعلى هذه المدينة. وملهمة جدا، أخيرا، لأنها جزء من مقاطعة الأود، التي يربطها بلبنان، منذ العام 2011، تعاون لامركزي، لمسنا نتائجه الإيجابية الواضحة في زغرتا – إهدن وجبيل – بيبلوس، وعلى مستوى العلاقة بين البلدين في إطار مشروع تعزيز قدرات البلديات اللبنانية وتوفير التدريب في مجال التنمية المحلية”.
أضافت: “في الواقع، لقد أتاح هذا المشروع للبنان، الإفادة من التجربة الفرنسية العريقة والناجحة في مجال اللامركزية، ومن الخبرات والمهارات التي تمتلكها السلطات المحلية في فرنسا، وبالتالي أدى هذا المشروع إلى تعزيز القدرات المؤسساتية للبلديات اللبنانية، وإلى تطوير أساليب جديدة للادارة البلدية، من خلال تدريب المنتخبين والموظفين البلديين في لبنان. وجاء هذا المشروع ليتوج سنوات طويلة من التعاون اللامركزي، الذي أثمر نحو 90 شراكة وتوأمة مع البلديات اللبنانية، تعكس بلا شك الترابط القوي بين البلدين، ليس فقط على صعيد العلاقات بين دولتين، بل كذلك على مستوى أواصر الصداقة المتينة بين الشعبين. ولا بد لي هنا من أن أتوجه بالشكر إلى مجلس مقاطعة الأود، وإلى المدن المتحدة – فرنسا، وإلى جمعية المدن المتحدة في لبنان/المكتب التقني للبلديات اللبنانية، وإلى وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، لإرسائها وتطويرها هذا التعاون المستمر منذ سنوات”.
وتابعت: “نجتمع اليوم هنا، لتقييم هذا التعاون ولعرض النشاطات المنفذة في إطاره، وللبحث في آفاق تطويره، ووضع خريطة طريق جديدة له، من خلال البناء على التجارب الناجحة التي قام عليها. وتكتسب خريطة الطريق هذه أهميتها بصورة خاصة، من كون اللامركزية الإدارية تشكل أحد البنود الاساسية في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، وكذلك من كونها تصب في خانة تمكين لبنان من تنفيذ مشاريع التنمية المحلية والإصلاحات المرتقبة في إطار مؤتمر سيدر. إننا، في المناسبة، نثمن للحكومة الفرنسية، جهودها لتوفير كل الظروف التي تتيح ترجمة التعهدات المالية التي شهدها المؤتمر. وأجدد التأكيد على أن الحكومة اللبنانية مصممة على تنفيذ الإصلاحات، ليس فقط للحصول على المساعدات الموعودة، بل كذلك للنهوض بالاقتصاد اللبناني وتصحيح مكامن الخلل في المالية العامة. وأؤكد لكم أن الحكومة اللبنانية عازمة على تفعيل جهودها في هذا الإطار”.
وأردفت: “إن تزخيم التعاون اللامركزي القائم منذ عقود، يشمل شراكات جديدة بين البلديات اللبنانية والفرنسية على هامش هذا اللقاء، وكذلك توقيع اتفاقية جديدة، تشمل برنامج تعاون أكثر طموحا على اساس التوجهات التي حددتها الحكومة اللبنانية، تهدف إلى مواكبة عملية تعزيز اللامركزية وتطوير البلديات اللبنانية. ومن أهم بنود هذه الإتفاقية تأسيس مركز تدريب البلديات، وإعداد خطة وطنية للتدريب الأساسي والمستمر لكل البلديات، لبناء قدرات المنتخبين والموظفين البلديين اللبنانيين، تستند على إجراء تقييم لقدرات البلديات ومهامها، وتحديد المهن والموارد البشرية في كل منطقة، وتحديد حاجات التدريب وعروضه القائمة. إن وقوف فرنسا إلى جانب لبنان، مركزيا ولامركزيا، وفي مجال الحكم المحلي كما في غيره من المجالات، لهو دليل جديد وإضافي على عمق العلاقة التاريخية بين بلدينا وشعبينا، وعلى كونها علاقة نابعة من القلب ومن العاطفة المتبادلة، لا من المصلحة المشتركة فحسب”.
وختمت: “أتمنى أن ينجح هذا اللقاء في تحقيق أهدافه، وأن تساهم النقاشات التي يشهدها، والنتائج التي سينتهي إليها، في إضافة مدماك جديد إلى التعاون بين البلدين، وبين سلطاتهما المحلية، تعزيزا للامركزية وللتنمية المحلية”.
ولاحقا، جرى توقيع بروتوكول اتفاقية بين وزير اوروبا والشؤون الخارجية في الجمهورية الفرنسية جان ايف لودريان والوزير لدى وزيرة تناسق المناطق والعلاقات مع السلطات المحلية المكلف شؤون السلطات المحلية في الجمهورية الفرنسية سيباستيان لوكورنو ورئيس المركز الوطني الفرنسي لتدريب موظفي السلطات الفرنسية فرانسوا دولوغا من جهة، وبين وزيرة الداخلية والبلديات ورئيس لجنة رؤساء البلديات الفرنسية جمال عيتاني من جهة اخرى. ويعد هذا البروتوكول بمثابة خارطة طريق مشتركة بين الاطراف بهدف تنسيق الجهود الرامية الى تعزيز البلديات اللبنانية وتطويرها.
كما اتفق على اعداد تشخيص لتأسيس مركز تدريب البلديات اللبنانية.