تنخرط بيروت كسواها من عواصم صغيرة وكبيرة في العالم في «التنقيب» عن أبعاد وتداعيات استهداف المنشأتيْن التابعتين لشركة «أرامكو» السعودية والذي رَفَع منسوبَ «الغليانِ» الاقليمي إلى مستوياتٍ غير مسبوقةٍ بدتْ معها المنطقةُ أمام مفترق خطير، فإما انزلاق «المعارك بين الحروب» الدائرة على تخوم المواجهة الأميركية – الإيرانية إلى «انفجار كبير» أو الذهاب إلى طاولة المقايضات الكبرى.
وبدا لبنان معنياً بارتداداتِ هذا التحوّل العاصِف من زاويتيْن: الأولى النتائج البالغة السلبية التي سيرتّبها ارتفاعُ أسعارِ المشتقّاتِ النفطية على الهيكلية التي رَسَمها لخفض العجز والتي ترتكز في جانب أساسي منها على «فاتورة الكهرباء» المرشّحة للتضخم تلقائياً، علماً أن ضبْط العجز (عبر الإصلاحات الهيكلية والقطاعية وغيرها) الذي يفترض أن يتكرّس مساره في موازنة 2020 الذي «تدشّن» الحكومة مناقشته «بالأحرف الأولى» في جلستها اليوم، يشكّل المرتكز الرئيسي لإطلاق المرحلة التنفيذية لمؤتمر «سيدر».
والثانية، الخشية من أن «يسْبق» العصْف الاقليمي كل مساعي الإنقاذ فيواجهه لبنان بـ«انكشافٍ» مالي – اقتصادي يفقد معه أي قدرةٍ على الصمود، أو أن يحرم «التطاحن» في المنطقة البلادَ من «الفرصة الأخيرة» للإفلات من الانهيارِ لا سيما بحال اقتضتْ المواجهةُ مع طهران استدراجه إلى «فم التنين» بعدما كان «حزب الله» أعلن «بالفم الملآن» انه لن يقف على الحياد في أي حربٍ.
وكان لافتاً في غمرة هذه المَخاطر العالية ما نُقل عن مصدر مطلع من أن رئيس الحكومة سعد الحريري متخوّف من أن «نسير على درب أفيال، ويبدو أن البعض في البلد راغب في الاندفاع نحوها، وجر البلد اليها لأسباب خارجية».
وفيما كانت العيون شاخصةً على تطورات المنطقة، كما على احتمالات توسيع رقعة العقوبات على «حزب الله» لتطول حلفاء له، دَهَم بيروت ملفّ قضائي «ما فوق عادي» يُنتظر أن تكون له تداعياتٌ سياسية، ويتمثّل في اتهام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان العضو في «حزب الله» سليم عياش بجرائم اغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي (21 يونيو 2005) ومحاولتي اغتيال النائب مروان حمادة (1 اكتوبر 2004) ونائب رئيس الحكومة السابق إلياس المر (12 يوليو 2005).