هل سقطَ المجلس الدستوري في أوّل امتحانٍ له مع صدور قراره الأول؟
اللافت، هو الصياغة المُمَوّهة للقرار الذي جاء به بالأمس بحيث تلطّى خلف أرقام مجموعة من المواد في الموازنة من دون ذكر مضمونها وكأنه لا يريد أن يفهم الناس منها شيئًا.
أما الغائب الأكبر عن القرار، فهو المبادئ الدستورية الكبرى والحيثيات التي استند إليها.
وغاب عن قرار المجلس الدستوري، المادة 7 من الدستور التي تنص على أنّ ‘كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم’. فكيف يجيز القرار الإبقاء على إعفاء القضاة من رسوم السير (الميكانيك) والتسجيل؟ علمًا، أنّ رواتب القضاة هي الأعلى على سلّم رواتب القطاع العام في لبنان.
كيف يجيز قرار الدستوري الإبقاء على عناصر التمييز في تخصيص لوحات السيارات ويقبل بضرب مبدأ المساواة التي كفلها الدستور بين المواطنين؟ مع العلم، أنّ القضاة يتحاشون إدراج أرقام سياراتهم في لوائح وتطبيقات لأسبابٍ أمنية، ويتنقلون في سيارات مزودة بزجاج أسود في زمن يحتاج القضاء في لبنان برمته إلى مزيد من الشفافية.
وكيف يجيز القرار لأعضاء المجلس، إلغاء وضع حدٍّ لتعويضات وملحقات الرواتب؟ هل الهدف هو الاستفادة الشخصية بحيث تسمح الموازنة بتقاضي التعويضات الشهرية والسنوية من المجلس الدستوري، إضافةً إلى الرواتب التقاعدية وغيرها من التعويضات؟ مع العلم، أنّ التعويضَيْن الشهري والسنوي لكل عضو في المجلس الدستوري يبلغ حوالي 147 مليون ليرة، يضاف إلى الراتب او الراتب التقاعدي المتفاوت المبلغ لبعض الاعضاء. وبعد ذلك نتساءل لماذا البلد مفلس؟
وأيضًا، كيف يجيز القرار للقضاة الذين تكبدت الدولة نفقات تعليمهم وتدرّجهم في معهد الدروس القضائية بأن ينتدبوا إلى الإدارة فيعينوا في أرفع المناصب من محافظين ورؤساء ومديرين عامين في إدارات الدولة ومؤسساتها العامة ويستفيدون من المنافع والمخصصات، ويستمرون في مناصبهم إلى حين بلوغهم سن الرابعة والستين مما يسمح لهم العودة إلى القضاء للاستفادة من علاوات السن (68 عامًا) والدرجات؟!.
إن معارضة القرار الصادر من قبل بعض أعضاء المجلس الدستوري أوقع المعترضين في مخالفة قانونية بسبب عدم تقيدهم بقانون المجلس ونظامه الداخلي.
ان قانون المجلس الدستوري، ينص على أنّ العضو المخالف أو الأعضاء المخالفون يسجلون مخالفاتهم في ذيل القرار ويوقعون عليها وتعتبر جزءًا لا يتجزأ منه وتنشر وتبلّغ معه.
فهل اكتفى المعترضون على القرار بالتصويت السلبي ضده؟ وما هو مضمون المخالفة؟ وهل سجلت المعارضة المخالفة مستندة إلى حيثيات ومبادئ دستورية. كي لا نقول أنّ هذه المخالفة فولكلورية تساير الحكم ولا تزعج بقية الأعضاء والجهات المقدمة للمراجعة.
في الختام، نقول، أنّ هذه هي نتيجة المحاصصة على المجلس الدستوري. وهذا هو وضع العدالة في لبنان! فهل أظهر قرار المجلس الدستوري في أول إطلالته انه جزء من القضاء العادي ومن لغته وحيثياته وأدواته المعروفة من الجميع؟.
المصدر: ليبانون ديبايت