لم يكن أحد يتصوَّر أن يصل إستهتار السلطة بمسؤولياتها إلى حد تجويع عناصر الجيش اللبناني، وتأخير صرف الأموال اللازمة من مخصصات التغذية في الميزانية العامة، التي أقرها مجلس النواب، وأصبحت قانوناً نافذاً منذ تموز الماضي.
ما حصل في اليومين الماضيين يُعتبر جريمة وطنية ليس بحق المؤسسة العسكرية وكرامة عناصرها وحسب، بل هي جريمة تطال كرامة وعنفوان كل لبناني يعتبر الجيش هو سياج الوطن، وضمانة أمنه وأمانه.
كيف يسمح المسؤولون بوقف لقمة العيش عن عسكري يضع دمه على كفّه، ومستعد للتضحية بنفسه، وبمصير أولاده وعائلته، حتى ينعم الحاكم بالراحة والأمان، وحتى تتمخطر مواكبه في الشوارع بكل ثقة وإطمئنان؟
لن نخوض في سجالات حول مسؤولية وزير الدفاع مباشرة عن هذا التدهور المُشين في تأمين الضرورات الضرورية للجيش، ولكن كل الطبقة السياسية، وخاصة أهل الحكم، تتحمل وزر هذا الواقع المُهين الذي وصلت إليه الإدارة السياسية الراهنة في تعاطيها مع الناس، ومع العسكريين والموظفين والعاملين في القطاع العام، وكأنهم بشر من الدرجة العاشرة!
من حق كل عسكري، بل من واجب كل مواطن، أن يسأل لماذا لم يتم المس بمخصصات أهل السلطة، من رؤساء ووزراء ونواب، وتخفيض أموال المواكب والمرافقين، وميزانيات الحفلات والرحلات، وغيرها من الفخفخات الفارغة؟
لماذا السكوت عن ناهبي أموال الدولة ومصاصي دماء الشعب، وهم معروفون للقاصي والداني، وأسماؤهم على كل شفة ولسان؟
ماذا يحصل عندما تتأخر وجبة الطعام عن أي مسؤول دقائق معدودات، كم موظف يطير من وظيفته، وكم مدير يفقد موقعه، وتقوم الدنيا ولا تقعد، إلا بعد أن يشفي المسؤول غليله، ويملأ بطنه؟
ما يحصل مع المؤسسة الوطنية الكبرى من قِبل السلطة السياسية أمر مُعيب ومرفوض ومُدان بكل المعايير الوطنية!
اللواء