قال مصدر وزاري إن الانفراج السياسي الذي شهدته عطلة نهاية الأسبوع الماضي وتمثل برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري للقاء المصالحة والمصارحة بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله، وفي تلبية رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط لدعوة رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران بارسيل لتناول الغداء في منزله، يجب أن يوظّف في إنجاز الموازنة للعام 2020 في موعدها، ترجمة للتعهد الذي قطعته الحكومة على نفسها أمام مؤتمر “سيدر” من جهة وفي الإسراع بالاستجابة لما تعهدت به لوضع مقرراته على سكة التنفيذ لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته المالية والاقتصادية مع اقترابه من الانهيار الاقتصادي.
ولفت المصدر الوزاري إلى أن هذا الأسبوع سيخصّص “لتوفير الغطاء السياسي الذي من شأنه أن يدفع في اتجاه إقرار الموازنة للعام المقبل في موعدها وقبل نهاية هذا العام”. وكشف أن رئيس الحكومة سعد الحريري سيرعى عصر اليوم أول اجتماع للقوى السياسية المشاركة في الحكومة، “لتوحيد الرؤية حول مشروع الموازنة قبل أن يباشر مجلس الوزراء بدراسته في جلسات سيعقدها لاحقاً”.
واعتبر أن “هذا الاجتماع بات ضرورياً للاتفاق على العناوين الرئيسة التي يُفترض أن تندرج في صلب مشروع الموازنة، خصوصاً لجهة خفض خدمة الدين العام بالتلازم مع خفض العجز في الموازنة وزيادة وفر الفائض فيها والتركيز على الإنفاق الاستثماري فيها ولو على حساب الإنفاق الجاري لأنه يسهم في تأمين فرص عمل جديدة”.
ووصف المصدر الوزاري الأجواء التي سادت اللقاءات التي عقدها المبعوث الفرنسي بيار دوكان المكلف متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” بأنها “لم تكن مشجعة”، مشيراً إلى أن “من التقاهم وبعضهم من غير الرسميين لم يتحدثوا معه بلغة واحدة بل آثروا القراءة من كتب اقتصادية ومالية متعددة، وبالتالي لا بد من توحيد الرؤية، مع أن دوكان لم يكن مضطراً لهذه المروحة الواسعة من الاتصالات واللقاءات”.
وأكد أن “هناك ضرورة لتوحيد الرؤية حيال بلورة موقف موحد للتوجه من خلاله لمخاطبة دوكان مع الأخذ بعين الاعتبار بعض ما طرحه من مآخذ في شأن التأخر في إنجاز الإصلاحات المالية والإدارية وفي الشروع على وجه السرعة لخفض العجز في قطاع الكهرباء”.وأضاف أن “الغاية من لقاء اليوم تكمن في قطع الطريق على كل ما من شأنه أن يؤخر إقرار الموازنة في موعدها الدستوري، وهذا يستدعي من المشاركين فيه الترفع عن الدخول في مهاترات يراد منها إقحام الموازنة في لعبة المزايدات الشعبوية”.
ورأى أن “هذا اللقاء يجب أن ينتهي إلى تعبيد الطريق أمام الموازنة لتأمين عبورها الممر الدستوري بدلاً من إغراقها في سجالات عقيمة”، محذراً من أن “عدم التوافق على قواسم مشتركة يعني أن إقرار مشروع الموازنة سيُترك لمواجهة القضاء والقدر”.واعتبر أن “إقرار الموازنة للعام 2020 بالتلازم مع الاستجابة للتعهدات التي التزمت بها الحكومة أمام المؤتمرين في “سيدر” سيفتح الباب للبدء بتنفيذ المشاريع الاستثمارية، خصوصاً أن المال المخصص لهذه المشاريع بات مؤمناً بقيمة أكثر من 11 مليار دولار، يضاف إليها نحو 4 مليارات دولار يُفترض أن تُصرف لتنفيذ مشاريع لا تزال تواجه اعتراضات منذ ما قبل 2017 لأن هذا الطرف أو ذاك يريد إنفاقها على قياس المناطق الانتخابية التي ينتمي إليها”.
كما شدد المصدر الوزاري على “ضرورة الإسراع بتشكيل هيئة طوارئ اقتصادية كان اتفق على ضرورة وجودها في مؤتمر الحوار الاقتصادي الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون. وقال إن لا مانع من أن تتشكّل من الوزراء من أصحاب الاختصاص وأن تتم الاستعانة بعدد من الخبراء على أن يرأس اجتماعاتها رئيس الحكومة”.وقال إن قيام “هيئة طوارئ اقتصادية” يمكن أن يشكّل دعماً للحكومة، على أن يكون من مهامها “الالتفات إلى أمور أولها خفض العجز في الموازنة، وأيضاً خفض خدمة الدين العام وإقرار الموازنة في موعدها الدستوري والسير قدماً لإنجاز ما هو مطلوب من الحكومة للإسراع في الإفادة من مقررات مؤتمر سيدر والشروع أيضاً بتطبيق ما ورد في الدراسة التي أعدتها ماكينزي”.
وأكد المصدر الوزاري أن “التداول اليوم في المسودة الأولى لمشروع الموازنة للعام 2020 «يجب أن ينطلق من مقاربتها بالشكل الذي يؤدي إلى خفض العجز وتحقيق فائض في الموازنة”، لافتاً إلى أن “عامل الوقت لن يكون لمصلحة وقوف لبنان على أهبة الاستعداد لتوظيف مقررات سيدر للتغلب على أزماته الاقتصادية والمالية، وبالتالي لم يعد مسموحاً بعد الآن هدر الوقت أو إضاعة الفرص وهذا يتطلب التعامل بمسؤولية بما يسمح باتخاذ قرارات وتوجّهات جريئة تُدرج في الموازنة، وإلا فالبلد سينهار، وهذا ما شدّد عليه رئيس الحكومة بقوله إننا لسنا بألف خير وعلينا أن نتعاون ليكون في مقدورنا اجتياز ما يتهددنا قبل فوات الأوان”.
على صعيد آخر، أكد المصدر الوزاري أن دفعة من التعيينات القضائية ستصدر هذا الأسبوع في جلسة لمجلس الوزراء، تشمل تعيين القاضي غسان عويدات في منصب النيابة العامة التمييزية والقاضي سهيل عبود رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء خلفاً للحالي القاضي جان فهد الذي لم يبلغ بعد السن القانونية لإحالته على التقاعد.كما سيعين مجلس الوزراء القاضي فادي إلياس رئيساً لمجلس شورى الدولة، وبذلك يصار إلى تسوية الخلاف بين “أهل البيت الواحد” في “التيار الوطني الحر” حول من يتولى هذا المنصب والذي أدى إلى اختيار إلياس بدلاً من المتنافسين ريتا كرم ويوسف نصر.
وستُعَيَّن أيضاً القاضية رلى جدايل مديرة عامة لوزارة العدل خلفاً للقاضية ميسم النويري التي أُحيلت على التقاعد، إلا إذا حصلت مفاجأة في اللحظة الأخيرة أدت إلى اختيار اسم آخر.وتردّد أن مجلس الوزراء قد يعيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون لبنان وأعضاء مجلس إدارته، إضافة إلى احتمال حسم الخلاف حول نواب حاكمية مصرف لبنان بالتمديد لثلاثة من الحاليين الذين انتهت مدة انتدابهم وتعيين الرابع وهو فادي فليحان، خصوصاً أنه لم يعد من الجائز الإبقاء على هذه المناصب شاغرة ومنع انعقاد المجلس المركزي لمصرف لبنان في ظل الظروف المالية التي يمر فيها البلد ودور الحاكم رياض سلامة في الحفاظ على الاستقرار النقدي والحاجة الماسة لوجود نواب الحاكمية مع فرض العقوبات على «جمال ترست بنك» لتسوية أوضاعه من قبل الحاكمية للحفاظ على حقوق الموظفين وضمان الودائع للمودعين فيه.