Loading

wait a moment

No data available!

القيسي : المرأة، و درب ألآلام من أجل الحرية و المساواة

بمناسبة يوم المرأة العالمي كتب عضو الامانة العامة ل تيار المستقبل الاستاذ محمود القيسي في موقع انا والخبر

اختلفت مكانة المراة في مفاهيم و تعريفات الحرية و التحرر الفردي و الجماعي و المجتمعي ناهيك عن الاقتصادي – المالي والسياسي من حقبة الى حقبة، و من مجتمع الى مجتمع، و من حضارة الى حضارة، و من ديانة الى ديانة، و من دولة الى دولة في مصادرة و تقليص حقوقها واغراقها “بالواجبات” عبر مراحل طويلة و شاقة في التاريخ.. تخوض المرأة منذ مئات السنين نضال متواصل من اجل حقوقها و حرياتها والتي يتم تجاهلها في الكثير من القوانين الغير منصفة و التشريعات الجائرة في مناطق عديدة من العالم حتى هذه اللحظة رغم قول سقراط “ان المرأة كل شيء”.. كما أستطاعت المرأة في نضالها المستمر من حجز مكان لها في شريعة حمورابي من حق التجارة و البيع و التملك و حقوق الوراثة و التوريث، كما شهد العصر البابلي وصول الملكة سميراميس الى سدة الحكم والسلطة المطلقة رغم الأغلال و الأوزان الثقيلة في أقدامها تاريخياً.. و كانت للمرأة لدى قدماء المصريين مكانةٌ كبيرةٌ رغم مراحل القهر و التنكيل التي شهدته المرأة في ذلك العصر. فكانت ملكة تشارك في الحكم، كما كانت تشارك في المراسم الكهنوتية في المعابد، كان الفراعنة يضحون بإمرأة كل عام للنيل تعبيراً عن مكانتها بينهم، إذ يُضحى بالأفضل و الأجمل في سبيل الحصول على رضى الألهة. تعددت الألهة لدى المصريين القدماء فكان منهم الذكور و الإناث، منهن هاتور و ايزيس و موت و تفتوت و لوت و غيرهم.. كما كانت المرأة في الأُمم القديمة “المتمدنة”، اي الامم التي كانت تعيش تحت الرسوم المليئة المحفوظة بالعادات الموروثة من غير أستناد إلى كتاب أو قانون كالصين القديمة و الهند و مصر و إيران و غيرها.. تشترك جميع هذه الحضارات القديمة في إنّ المرأة عندهم، كانت ذات استقلالية و حرية و سلطة رغم الكثير من العذابات و القهر في اهم فصول تلك الحقابات من التاريخ.. مع تقدم الحضارة الاغريقية وبروز بعض النساء في نهاية العهد الاغريقي فقط، أزدادت حقوق المرأة و مشاركتها في البيع و الشراء و بعض المرافق و المناسبات الاجتماعية و الاحتفالية بعد تضحيات هائلةً و جمةً من التنكيل و التهميش، اما في مدينة إسبارطة اليونانية كان وضع المرأة افضل، فقد منحت المرأة هناك حقوق و مكاسب ميزتها على أخواتها في بقية المدن اليونانية و ذلك بسبب انشغال الرجال بالحروب و القتال. و في العصر الرومي بعد مراحل طويلة من الرق و العبودية حصلت المرأة على حقوق أكثر، وقد تركت لنا الأثار الكثير من المعلومات التي تشير إلى أن المرأة كانت قاضياً أو كاهناً أو بائعاً، ولها حقوق الوراثة كما لديها ثرواتها الخاصة.. و في فارس منحها زرادشت “نبي” فارس القديمة حقوق اختيار الزوج و تملك العقارات و إدارة شؤونها المالية، كما لازالت هذه المكانة المتميزة موجودة عند المرأة الكردية حتى تاريخه..
تناولت الاديان المرأة بين اعطائها بعض حقوقها مع بعض الاختلافات في الشكل و الجوهر بين ديانة و آخرى.. و انا اتكلم هنا عن الديانات الرئيسية الثلاث، اليهودية و المسيحية و الاسلام.. حيث اعطيت في بعضها لمؤسسة الزواج “تقديساً” خاصاً و مساواة في الحقوق بين الطرفين، في حين “تحسنت” في بعضها الآخر حقوق المرأة سواءً المادية كالإرث و حرية التجارة و التصرف بأموالها إلى آخره.. أو حقوقها المعنوية لتلك العهود و مستوى نظرتهم إلى الحريات بشكل عام و حرية المرأة بشكل خاص، “الحرية” التي مازالت موضع جدال في نواحي الشكل و المضمون كما ذكرنا اعلاه.. لم تتوقف المرأة من النضال من أجل تحقيق المساوات في الحقوق و الواجبات ايضاً داخل “المؤسسات” الدينية، أو “المأسسة” الدينية و خارجها..
وضع المرأة اليوم، في العصر الحديث أو ما بعد الحديث أو ما بعد بعد الحديث ما زال تابع “لسياسة” هذا البلد او ذاك.. ففي البلدان الديموقراطية الغربية و العلمانية نجد المرأة قد حصلت على “شبه” حرية تامة في معظم مجالات الحياة، من المعاملة المتساوية و حرية التعليم و امكانيات التطور المتناسق و المنسجم و العمل و الوصول الى اعلى المستويات تقريباً. و بالرغم من ذلك ففي فرنسا وحدها تموت أكثر من 3 نساء شهرياً نتيجة العنف ضد المرأة. مما يشير بوضوح أن الإرث التاريخي لإضطهاد المرأة لم تتخلص الدول الديموقراطية و العلمانية و المدنية في الغرب او الشرق منه حتى الآن. وتهتم الحركة النسوية في الغرب بقضايا متل حق المرأة في الإجهاض و تنخرط في جدل الإجهاض الدائر في تلك المجتمعات.
أما في البلدان العربية فبالرغم من أن دساتير معظم هذه الدول تنص على الحقوق التي كفلتها الاديان للمرأة، و أحياناً أكثر من ذلك عند البلدان التي تبنت بعض الأنظمة العلمانية، كمنع تعدد الزوجات في تونس بموجب مجلة الأحوال الشخصية. فلازال وضع المرأة مماثلاً لوضعها التاريخي المتخاذل خلال العصور السابقة، بسبب الموروث الثقافي المهين عن المرأة و بسبب التمييز القانوني و الفيزيائي بالرغم من المطالبات بتعديل القوانين التي تنتهك حقوق المرأة كقوانين جرائم الشرف. تشير الإحصائيات إلى أن معدلات العنف ضد المرأة في بلداننا لا تقل عن مستوياتها في البلدان الأخرى بكل آسف، بل تزيد بأضعاف مضاعفةً..
يجب العمل و من خلال جميع المؤسسات و الجهات و المنظمات المختلفة في جميع أنحاء العالم بتقديم الدراسات و البحوث و الاقتراحات التنفيذية تحت “المظلة” الدولية من أجل القضاء على كافة المشاكل و أشكال التمييز التي تواجهها المرأة من التفرقة العنصرية ضد النساء، و تركهم في مقاعد الدرجة الثانية و الثالثة و الرابعة في معظم محطات الحياة و متطلباتها، و التفرقة بين النساء و الرجال في إطار التنظيم القانوني من ميزات و حقوق مدنية و غيرها، و الإعتراف بحقوق المرأة في الاختيار في الزواج و الطلاق والحقوق المدنية الأساسية الأخرى في كثير من المناطق في العالم، و اخيراً و ليس آخراً التخلص من العنف الجسدي و الاضطهاد النفسي ضد المرأة بشكل كامل و بالأخص في الدول التي تعتبر نفسها حديثة.. كما لا يجب ان يكون الثامن من مارس اليوم العالمي للمرأة، بل كل يوم.. و ان لا تأخذنا كوتا من هنا أو كوتا من هناك، بل المساواة في كل الحقوق، و في كل الواجبات..!!!

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *