بقلم: الأستاذة جويل خالد طبو
الحائزة على ماجستير إدارة مؤسسات تربوية، وأخصائية في علم القيادة من جامعة هارفرد، كاتبة وناشطة في الشأن التربوي والاجتماعي.
مستقبلٌ يُهدَّد… وقرارات تضرب التعليم في صميمه
في سابقة خطيرة تهزّ قطاع التعليم العالي في لبنان، فُوجئ مئات الطلاب والخريجين بقرارات جديدة صادرة عن وزارة التربية والتعليم العالي، تقضي بعدم قبول تعديل شهادات Teaching Diploma لبعض الاختصاصات، حتى في الحالات التي استكمل(Transfer) فيها الطالب دراسة الماجستير ونجح فيها.
صدمة مضاعفة، ليس فقط لأن القرار فجائي وصادم، بل لأنه جاء بأثر رجعي، ليحوّل شهادات تم الحصول عليها بجهد ومال وتعب إلى أوراق بلا أي قيمة رسمية أو مهنية.
القرار الجديد ينص بشكل واضح على أن بعض شهادات الـTeaching Diploma لم تعد قابلة للتعديل بغية القبول في برامج الماجستير.
والأسوأ من ذلك، أن وزارة التربية ترفض تعديل شهادات الماجستير نفسها، حتى لو كانت دراسة الماجستير قد تمت بناءً على مسار أكاديمي قانوني، وموافق عليه من قبل الجامعات.
الردود التي تلقاها الطلاب كانت قاسية وصادمة:
“شهاداتكم لا يمكن تعديلها. هناك قرارات وقوانين جديدة تمنع ذلك.”
شهادتان… ولا اعتراف ولا تعديل؟
بعض الطلاب أنهوا شهادة البكالوريوس، والتحقوا بـTD، ثم أكملوا دراستهم العليا في الماجستير، قدّموا أبحاثهم، ناقشوا مشاريعهم، وتخرّجوا.
واليوم، لا يُعدّل الـTD، ولا تُعترف الماجستير…
أي منطق هذا؟ وأي عدالة؟ وأي وزارة هذه؟
هذا تدمير ممنهج لمستقبل الطالب
ما يحدث لا يُعد قرارًا إداريًا عاديًا، بل هو هدم مقصود لمسارات أكاديمية كاملة، وإعدام لمستقبل طلاب صرفوا أعمارهم وأموالهم في سبيل العلم، ثم استيقظوا على قرار إداري يُلغي كل شيء.
إنه قرار يضرب ثقة الناس بالتعليم، ويُسقِط الشرعية عن مؤسسات كانت إلى الأمس القريب تروّج لهذه البرامج الأكاديمية بشراكة مع الوزارة نفسها.
الصدمة النفسية والغضب يتصاعدان
الطلاب اليوم في حالة غضب حقيقي.
قالت إحدى الطالبات:
“كملت TD وبعدها ماجستير، درست وتعبت وقدمت مشروعي، واليوم بيقولوا شهادتي ما بتنقبل؟ هيدا مش قانون، هيدا قتل للمستقبل.”
وقال طالب آخر:
“شو ذنبي درست على نظام رسمي ومعترف فيه، واليوم ما حدا معترف بشهادتي؟ شو بدي قلن للدكاترة بالخارج؟”
قرارات بأثر رجعي: خرق صريح للعدالة
إن تطبيق قرار بهذه الخطورة بأثر رجعي، يُعتبر تعديًا سافرًا على أبسط المبادئ القانونية والأخلاقية، إذ أن أي قانون جديد يجب أن يحترم الحقوق المكتسبة.
كيف يُحاسب الطالب على نظام دراسي لم يكن مُخالفًا حين اختاره؟
كيف نُعاقب الأجيال على قوانين وُضعت بعد تخرجهم؟
إلى وزارة التربية والمسؤولين معها: كفى عبثًا بمصير الطلاب!
وزارة التربية،
ألم يكفِ ما خرّبتموه في التعليم الرسمي؟
ألم يكفِ انهيار المدارس، والتسيّب في الجامعات، والفساد الإداري المتراكم، حتى يصل الأمر اليوم إلى دهس مستقبل الطلاب بأقلامكم المسمومة؟
هل تعتقدين أن قرارًا تعسفيًا كهذا هو إصلاح؟
بل هو تدمير، وتشويه، وإهانة لكل طالب طَمحَ إلى الأفضل.
أنتم لا تُصلحون النظام، بل تهدمونه فوق رؤوس الطامحين.
أنتم لا تديرون الوزارة، بل تدفنون فيها قيم العدالة والكرامة.
إلى كل من شارك في توقيع هذه المهزلة،
أتعلمون كم من شاب وشابة اليوم يشعرون أن شهاداتهم لا تساوي شيئًا؟
أتعلمون كم دمعة سالت على مشاريع تعب وجهد تحوّلت إلى “ورق بلا روح”؟
نعم، نقولها بكل وضوح:
هذه قرارات فاشلة، كارثية، ارتُكبت باسم الإصلاح بينما هي وجه من أوجه الإفلاس التربوي.
التاريخ لن يرحم… والناس لن تسكت
ما جرى ليس خطأً إداريًا… بل خيانة صريحة لمسيرة التعليم في لبنان.
التاريخ سيسجّل أن طلابًا اجتهدوا ونجحوا، ثم أُلقيت شهاداتهم في سلة المهملات بقرار وزاري
والناس… الطلاب… الأهل… لن يصمتوا.
المطلوب فورًا:
- إلغاء القرار بشكل نهائي.
- الاعتراف بكل الشهادات المكتملة قبل صدور القرار.
- محاسبة الجهات التي وقّعت دون دراسة واقع الطلاب.
- تعويض معنوي وأكاديمي للمتضررين.
التعليم ليس لعبة… والطلاب ليسوا أدوات اختبار ..
ما يحدث هو اعتداء على الحلم والكرامة والحق.
نحن لا نطلب معروفًا. نحن نطالب بحق مشروع ومضمون.
وليعلم من أصدر القرار:
من أسقط شهادة طالب، أسقط هيبته.
من أهدر تعب السنوات، لن ينجو من حساب العدالة.
ومن خان التعليم… فقد خان الوطن.