رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اللّبنانيّين للاعلان عن بدء ذكرى مئوية إعلان لبنان الكبير لم تمرّ على خير، فعلى اثرها، إشتعلت أزمة دبلوماسيّة بين البلدين لا تزال تتوالى فصولاً حتى السّاعة.
كلمات الرّئيس عون التي عاد فيها الى تاريخ لبنان، وتحديداً الى حقبة العثمانيّين قائلا: “كل محاولات التحرر من النير العثماني كانت تقابل بالعنف والقتل وإذكاء الفتن الطائفية، وإرهاب الدولة الذي مارسه العثمانيون على اللبنانيين خصوصاً خلال الحرب العالمية الاولى، أودى بمئات الاف الضحايا ما بين المجاعة والتجنيد والسخرة”، هذه الكلمات شكّلت صدمة لدى البعض، فاستدعت ردود فعلٍ من تركيا نفسها ومن بعض اللبنانيّين المعارضين لكلامه.
وردّت وزارة الخارجيّة التركيّة على تصريحات عون في بيان قالت فيه “ندين بأشد العبارات ونرفض كليًا التصريحات المبنية على الأحكام المسبقة، والتي لا أساس لها عن الحقبة العثمانية، واتهامه للإمبراطورية العثمانية بممارسة إرهاب الدولة في لبنان”، واصفة ما قاله عون بأنه “مؤسف للغاية وغير مسؤول”،
وأشارت إلى أن هذه التصريحات تُعدّ “مقاربة لا مسؤولة، ليس لها وزن في التاريخ”، مشددة على “اعتزاز الجمهورية التركية بكونها وريثة الإمبراطورية العثمانية”.ورأت تركيا أن “تجاهل الرئيس عون لما جرى في فترة الاستعمار، التي هي أصل كل مصيبة في يومنا، من خلال تحريف التاريخ عبر الهذيان، ومحاولته تحميل مسؤولية تلك الأمور للإدارة العثمانية، إنما هو تجل مأساوي لشغفه بالخضوع للاستعمار”.وردّاً على الردّ التركي، استدعت وزارة الخارجية اللبنانية السفير التركي لدى بيروت، وأوضحت الوزارة في بيان أن الخطوة تأتي “على خلفية بيان أصدرته الخارجية التركية، الذي تضمن تعابير ولغة لا تتطابق مع الأصول الديبلوماسية والعلاقات الودية التاريخية بين الدولتين والشعبين اللبناني والتركي”،
وقالت الخارجية اللبنانية إن “مدير الشؤون السياسية والقنصلية، غادي الخوري، طلب من السفير التركي استيضاحا حول هذا البيان وتصحيحا واضحا للخطأ من الجانب التركي، لتجنب سوء التفاهم حفاظا على العلاقات الثنائية المميزة بين البلدين ومنعا للإضرار بها”.
وبالاضافة الى الردّ التركي، جاء ردٌّ صارخ من المفتي السابق محمد رشيد قباني على الرّئيس عون، فاعتبر أنّ “تصريحاته أتت لتصُبَّ الزيت على نار الفتن التاريخية في جبل لبنان وعلى دولة الخلافة الإسلامية العثمانية باتهامه لها بالإرهاب”، سائلاً: “هل من حكمة الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم نبش التاريخ وأحداثه المختلف عليها؟”.ليس هذا فقط، إذ ذكرت وكالة “الاناضول” التركية الرسمية أن مجموعة تتألف من 8 الى 10 أشخاص يحملون لافتة عليها علم تركيا مع صورة جمجمة مغطّاة بالدماء مع عبارة “إنتو كمان انضبّوا”، وقفوا أمام السفارة التركية لبعض الوقت، وعلّقوها على بوابة السفارة. وذكرت الاناضول أنّ هؤلاء الاشخاص هم من مجموعة “أوميغا تيم” التابعة لـ”التيار الوطني الحرّ”.
وردّا على هذا التحرّك، إستدعت وزارة الخارجية التركية السفير اللبناني لدى أنقرة غسّان المعلّم على خلفية ما وصفته بأنّه “عمل إستفزازي تعرضت لها السفارة التركية في بيروت، وأعربت تركيا للسفير اللبناني عن “قلقها على أمن السفارة التركية في بيروت”، داعية الى “اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة، من أجل حماية جميع المصالح التركية في لبنان، وفي مقدمتها السفارة”.ونشرت صفحة لمشجّعي النادي الرياضي “فيديو” للرئيس التركي رجب طيب إردوغان تأييداً له ولتركيا وردّاً على موقف الرّئيس عون.

فهل ستكون هذه المواقف مقدّمة لنزاعٍ بين البلدين أم أنّها ستنتهي هنا؟ وهل سينقسم الشّارع اللبناني بين مؤّيد ومعارض لتركيا؟