كتب محمود القيسي
” المنطقة التي تفصل الدماغ عن الروحتتآثر بالتجربة بشتى الطرقبعضهم يفقد عقله ويصبح روحاً:المجنونبعضهم يفقد روحه ويصبح عقلاً:المثقفبعضهم يفقد الاثنين معاً:المقبول اجتماعياً “**تشارلز بوكوفسكي
“ما العمل؟!”، يقول شبه أنسان أو بقايا مواطن من لبنان: “أصبح تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا مجرد البحث عن الطعام والفواتير والطوابير والموت البطيء.. وحين نظرت إلى الفئران الممددة في المصيدة ونظرت إلى فقري وثيابي وزوجتي وأبنائي ووجه الله وهو نائم.. علمت أنه لم يعد بإمكان اي شيء أن يؤذيني.. يمكنني أن انطلق نحو الليل والشارع دون امل أو رجاء.. أعلم أنني على قيد الموت في الطوابير أنتظر موتي.. لم يعد يراودني سوى بضعة أسئلة وهدية لم أعد أخشى أن افتحها.. نعم مجرد بعض الأسئلة وبعض الاستنتاجات..!؟! نعم، أين الشعب؟.. أين الأحزاب؟.. أين مجلس النوايب والنوائب والأنياب وحكومة تصريف البيزنس وأمراء الطوائف والملل والحشرات؟.. أين النقابات وموضوع النفايات؟.. أين الحراك أو الثورة أو الكذبة المستوردة من دول وشركات صناعة “الثورات” الاجتماعية لغاية في نفس “يعقوب” واليعاقبة وأولادهم وإخوانهم وشركائهم وعبيدهم وجواريهم؟.. أين ما تبقى من جامعة الدول العربية المستعربة؟.. أين المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة و”المختلفة” في تفحير “بيروتشيما” وفقرشيما وجوعشيما الاحتماعي – النووي؟.. أين جمعيات حقوق الآنسان والحيوان؟.. أين الجمعيات “الغير” حكومية وكذبة المساعدات الانسانية في جمعيات الدولة العالمية العميقة؟… أعتقد، بل أكاد إن أجزم أن الأدوات والوسائل الذكية – الجديدة – الحديثة في مجتمعات الاستبداد والنزاع، ليست سوى نخب “اصطناعية”، أو مجرد أدوات “جديدة” ووسائل “حديثة”.. أدوات ووسائل “افتراضية” تعمل من خلال شبكات “متقاطعة”، أو كلمات متقاطعة و“أجندات” مشبوهة من أجل إعادة “رسم” خرائط المنطقة بما يخدم “إستراتيجية النيوليبرالية” الغربية، أو اليمين واليسار واليسار الوسط العالمي، أو “النيو -كولونيالية” الحديثة في “المئة” سنة “الجديدة” القادمة.. النخب التي تأتي في “مرحلة” معيّنة مثل “الطوفان” تارةً بصفة “الربيع”، وتارةً آخرى بصفة “الخريف”.. وطورًا بحجة “الثورة”، وطورًا آخر بحجة “المقاومة”.. وحينا بشعارات “التحرير”، وحينا آخر بأعلام “الوحدة”.. ومرّة بإسم “التغيير”، ومرّة آخرى “كلّن يعني كلّن” .. وفجأة، من دون سابق إنذار.. “فصّ ملح وذاب”!؟!… “بسبب خوفه من العزلة، قام بصنعنا.. وبسبب الخشية من الأبدية، أعطانا زماناً.. أسمع عكازه الأبيض يطقطق أعلى وأسفل في الفناء.. أتوقع شكوى من الجيران أنها الثانية إلا ربعاً في هذا البلاد المكتظة بالفقراء التائهين بين المخيمات والمنصات والمصارف والسماسرة واللصوص وشركات الرهن المعتمة والفنادق المقفلة والمستشفيات المسالخ والبنايات المنطفئة.. وواحدة أو اثنتان من الدمى رثة الثياب لا تزال مستيقظة!؟ لم أعد أدري كيف!؟.. ولم أعد أدري لماذا… وما العمل!؟!