Loading

wait a moment

No data available!

محمود القيسي : وعد بلفور.. وعد من لا يملك لمن لا يستحق..

كتب محمود القيسي

“كيف يختلف الرُّواةُ على كلام الضوء في حَجَرٍ؟
أَمِنْ حَجَر ٍشحيحِ الضوء تندلعُ الحروبُ؟
أسير في نومي. أَحملق في منامي. لا
أرى أحداً ورائي. لا أرى أَحداً أمامي.
كُلُّ هذا الضوءِ لي. أَمشي. أخفُّ. أطيرُ
ثم أَصير غيري في التَّجَلِّي. تنبُتُ
الكلماتُ كالأعشاب من فم أشعيا
النِّبَويِّ: “إنْ لم تُؤْمنوا لن تَأْمَنُوا”.
أَمشي كأنِّي واحدٌ غيْري. وجُرْحي وَرْدَةٌ
بيضاءُ إنجيليَّةٌ. ويدايَ مثل حمامتَيْنِ
على الصليب تُحلِّقان وتحملان الأرضَ”.
*محمود درويش

يحيي الشعب الفلسطيني وكل الاحرار والشرفاء في هذا العالم، اليوم الأربعاء، الذكرى الخامسة بعد المائة، لصدور “وعد بلفور”.. في مثل هذا اليوم قبل مئة وخمسة سنوات ظهر علينا احد “البلفوريين” تاريخياً.. حيث ان البلفورية لم تأتي من فراغ، أو من تلقاء نفسها، أو بمحض الصدفة، أو الصدفة التاريخية.. بل بفعل التخطيط والمُكر والخداع والتزوير والتآمر تاريخياً.. كما انها لم تأتي بالتكوين الطبيعي أو الإرادة السماوية.. حيث ان للطبيعة شروطها ومواصفاتها وقوانينها.. كذلك السماء.. وليس كل ما يُكتب مُقَدَّس، وليس كل مُقَدَّس مكتوب.. كما إن بعض الشارات والكؤوس تعني بعض المرسلين والانبياء.. وليس من سرق على غفلة من التاريخ تلك الشارات والكؤوس والانبياء.. حيث إن التاريخ وبكل آسف يغفو في بعض مراحله التاريخية، أو يُطلب منه ان ينام.. وما ابشع التاريخ حين يَنَام،، يكتبه الناكثين والقاسطين والمارقين واللصوص والقراصنة والمنتحلين الصفات.. صفات القديسين والرسل والأنبياء..

في مثل هذا اليوم قبل مئة وخمسة سنوات من الان، وبالتحديد في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1917. كشف دهاة وشياطين وابالسة السياسة في بيت الوندسور، أو ساكس كوبرغ غوتا، أو بريطانيا، أو المملكة المتحدة، أو المملكة التي لا تغيب عنها الشمس، أو مملكة آرثر وفرسانه وطاولته المستديرة في مكان، والمسدسة في أماكن ودهاليز وأقبية ومواخير آخرى.. عن أحدى أبشع وأخطر المراحل والوجوه الحقيقية، الوجوه الغير مُمكيجة والشعر المزيف والمستعار.. يُصادف اليوم الأربعاء، الذكرى الـ 105 لصدور وعد بلفور المشؤوم، وهو الوعد الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، حيث أعطت ما لا تملك لمن لا يستحق، وأسّست منذ حينها لمأساة مستمرّة للشعب الفلسطيني، قامت على أساس تهجيره وقتله وإقامة أبشع المجازر الإنسانية والدموية بحقّه. ويمثل الوعد رسالة أرسلها، وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر جيمس بلفور 2 نوفمبر 1917 الى اللورد اليهودي ليونيل والتر دي روتشيلد، يشير فيها لتأييد حكومة بريطانيا لإنشاء “وطن قومي لليهود” في فلسطين.

وجاء في نص الرسالة “تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”. وعلى أثر ذلك اتخذت الحركة الصهيونية الوعد، بمثابة مستند لتدعم به مطالبها المتمثلة، في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، وتحقيق حلم اليهود بالحصول على وطن، رغم أن هذا الوعد أعطى وطنا لليهود وهم ليسوا سكان فلسطين. ومثل وقتها الوعد أولى عمليات الدعم السياسي البريطاني الرسمي لليهود، وشجعت على هجرتهم من كافة أنحاء دول العالم إلى أرض فلسطين، حيث اتخذت الحركة الصهيونية العالمية وقادتها من هذا الوعد المشؤوم، مستندا لتدعم به مطالبها المتمثلة، في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، حيث قامت العصابات الصهيونية في العام 1948، وبمساعدة بريطانيا، بعد إنهاء انتدابها لفلسطين، بشن حرب على الفلسطينيين العزل، وارتكاب العشرات من المجازر… وما تزال فلسطين والفلسطينيون يدفعون ثمن ذلك الوعد، دماءً وأرواحاً وبشكلٍ يوميٍّ في كافة أراضيها لا سيما المُحتلّة منها عدا عن نكبات ومآسٍ وحروب متتالية، وسط مخاطر لا تتوقف يتعرض لها الفلسطينيون يومياً وبشكل وحشي مستمر… إليكم نص رسالة وعد بلفور حرفياً للتاريخ والتأريخ.. التاريخ المقاوم والذاكرة المسلحة:

” وزارة الخارجية

في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1917

عزيزي اللورد روتشيلد

يسرني جداً ان أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته :

” ان حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف الى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على ان يفهم جلياً انه لن بؤتى بعمل من شأنه ان ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به إليهود في اَي بلد آخر ” .

وسأكون ممتناً اذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح .

المخلص

أرثر جيمس بلفور “

أنظروا الى بعض المفردات والجمل التي وضعت بعناية رهيبة ومرعبة في تلك الوثيقة المرعبة، مثل:

  • يسرني
  • التصريح
  • أماني اليهود والصهيونية
  • إقامة مقام قومي
  • فلسطين
  • الشعب اليهودي
  • الغاية
  • الحقوق المدنية والدينية
  • تتمتع بها الطوائف
  • الغير يهودية
  • المقيمة في فلسطين
  • الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في اَي بلد آخر..

كما يجب الانتباه الى الجهة التي وُجهت اليها الرسالة:

اللورد روتشيلد، أو العائلة الروتشيلدية والتي تتحكم في أيامنا هذه بأكثر من “ثلث” ثروات الشعوب والأمم ..

لا يستطيع المعنى في هذه الحالة البقاء أو التخفي أو الاختفاء في بطن المعنى التاريخي أو في بطن الشاعر كما يقال.. بل يجب الانطلاق وبكل فصاحة وشراسة لغوية على لسانه.. أو يسقط المعنى والشعر والشعراء..

سوف تبقى فلسطين حبلى بشهدائها.. شهيداً وراء شهيد..
والقدس تنتظر.. وعكا ويافا وحيفا والجليل..
وغزة.. وبيت لحم.. والناصرة والخليل..
وها هي بيسان البرتقال.. واللوز.. وأبعد في قلب الشهيد،
وعلى خديه.. وعلى شفتيه.. وفِي عينيه.. تنتظر الصباح..

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *