أنا والخبر /
صدر عن رئيس حركة شباب لبنان ايلي صليبا مايلي :
اللبنانيون واللبنانيات،
الاخوة والاخوات،
قيل ان السياسة هي فنّ خدمة المجتمع بما يصلح حاله في عاجل الأمر وآجله.
لكن في لبنان لا مجال لخدمة الناس من باب السياسة طالما ان طبقة واحدة ثابتة تتحكم بالسلطة منذ عقود بغطاء دول تدّعي انها تدعم المستقلين في لبنان لكنها بالفعل لا تدعم الا منظومة تنفذ “اجندتها” بالتفاصيل ودون اي خطأ او تحريف او تحوير، فيصلح في هذه الدول القول المأثور “يا واعظ الناس اصبحت متهما اذ عبت منهم أمورا بتّ تأتيها”.
ولم يبقَ لخدمة الناس في لبنان الا بعض المؤسسات الاجتماعية والخيرية التي تعمل بضمير وشفافية بعيدا عن السمسرات والصفقات على حساب الناس وارواحهم وكراماتهم، وحتى هذه المؤسسات لا تُدعَم الا اذا رضخت وقبلت لتنفيذ “اجندات” سياسية من بوابة اجتماعية خدماتية او اذا وصّى بها “الزعيم” الذي لا يوازي في وجدان اللبنانيين هذه الايام الا تمثالا من كرتون.
لقد نجَحَ معنا خيار بناء مؤسسة اجتماعية خيرية محلية لا تتعاطى السياسة وتقف الى جانب الناس، كل الناس، بتمويل ذاتي من اشخاص لا دول ولا منظمات، وبدعم بعض اللبنانيين المغتربين الذين لا زالوا يؤمنون بأنهم رئة لبنان التي يتنفّس مواطنوه عبرها، وهذا فخرنا واعتزازنا وهذا ما سنجنيه لميزان حسناتنا.
وبين السياسة وخدمة الناس نختار خدمة الناس، لأننا ان دخلنا عالم السياسة يوما فلخدمة الناس لكن للاسف تحول المشهد السياسي في لبنان الى ما يشبه برج بابل فبين الردود والردود المضادة وتراشق التهم ورمي المسؤوليات يضيع الوطن وتموت الناس جوعا وتزداد أمتنا فقرا وتراجعا وتدهورا نحو القاع وكأن مصيرنا المحتوم هو موت هذا الشعب او زوال هذا الوطن.
كلا، لن يموت شعبنا فقد قاوم اسرائيل ودحرها، وقاوم الاحتلال السوري واخرجه، ولم يمت، فلن تقوى عليه زمرة من النصابين الفاسدين الكاذبين الذين يشترون الناس عشية الانتخابات ثم يبيعونهم في بزارات النخاسة السياسية والعهر في ادارة الدولة والمال العام.
لقد سرقت اموال الناس، وتحوّل لبنان من جنّة الى جحيم، وافلست الشركات والمؤسسات، وانهارت المصارف والمستشفيات، وخسرت العملة الوطنية قيمتها، وبات راتب مدير البنك ٤٠٠$ واستاذ المدرسة ١٥٠$ واضحى لبنان الذي نعرفه مقصدا للعالم اجمع مثالا لبؤر الفساد والافساد والفقر والعوز والحرمان، فيما معظم السياسيين يغزدرون في عواصم العالم يبذّرون اموالا سرقوها بحيِل قانونية وفواتير وهمية، لا تترك لاجرامهم أثرا، وجعلتهم النصابين الادهى في تاريخ البشرية.
التعويل اليوم على الناس، على وحدة الصف، على التخلص من عقدة “الأنا”، على التفلّت من المصالح والعلاقات الشخصية الضيّقة، على التخلّص من شراء النفوس والضمائر والاقلام، على الوعي وعدم الانجرار خلف العناوين الرنانة والشعارات الفارغة، على توسيع الائتلافات الا فتح الدكاكين التي لا طائل منها الا بعض الوجاهة التي تزول بمرور الزمن.
وللاغنياء في هذا الوطن، “فكّوا السرّة” فأموالكم لن تنفعكم يوم تقع الواقعة، والحقد الطبقي الذي تصنعونه بأيديكم لن يكون غيركم ضحيته، وكفّوا عن “تربيح الناس جميلة” كلما تبرّعتم بكرتونة غذاء لا تنقص قرشا من ثروتكم، وكونوا على يقين انكم اذا غادرتم الوطن اليوم لانه متهالك فلن يكون مرحبا بكم في ربوعه عندما يتعافى لان الاوطان ليست منتجعات للرفاهية بل انتماء لكيان يستدعي انقاذه تكاتفنا جميعا لا هروبنا من المسؤولية الى اي مكان كان ولاي سبب كان.
سيأتي من يسأل عن العلاقة بسعد الحريري او يصوّب علينا من بابها، ولنجب السائل قبل أن يسأل: ان علاقة الصداقة ببعض السياسيين ليست تهمة طالما هي معلنة وتقتصر على صداقة لا على صفقات واحلاف سرقة وفساد، والعلاقة بالحريري بالذات هي برجل يؤمن بالاعتدال والوحدة الوطنية وبالسلم لا بالدمّ، وهذه العلاقة مع شخصه الكريم،الذي سنبقى على يقين دائما انه آدمي لم يسرق من مال الناس قرشا لا بل اعطى الناس دون تفرقة، ولا تتعدى هذه العلاقة الحريري لتبلغ آخرين من حوله ممن يراهم الناس سارقين ونصابين وهم ربما فعلا كذلك وها نحن نراه يبعدهم عنه شيئا فشيء.
يطول الكلام وتكثر التفاصيل، وكلما مرّ الوقت نرى ان الحلّ بات اسهل لان المنظومة القائمة باتت اوهن، وستأتي الساعة التي فيها سنكون حيث يجب ان نكون، وعلى كل الاحوال سنبقى في خدمة المجتمع بما يصلح حاله في عاجل الأمر وآجله.
٢٣-١-٢٠٢١
اخوكم ايلي صليبا