أثارت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية زوبعة كبيرة بعدما أعادت نشر تحقيق كانت وسائل إعلام عديدة نشرته مطلع كانون الأول من العام الماضي، أي قبل نحو 10 أشهر، وفيه أن الرئيس سعد الحريري قدّم إلى عارضة أزياء جنوب أفريقية ربطته بها “علاقة رومانسية”، 16 مليون دولار بعد أن التقيا في منتجع فاخر في جزيرة سيشيل.
طرحت إثارة هذه القضية في هذا التوقيت أسئلة عن خلفياتها والجهة التي تقف خلف الإضاءة عليها، حيث وجّه أنصار الرئيس الحريري اصابع الاتهام إلى الوزير السابق النائب نهاد المشنوق بأنه قد يكون على علاقة مباشرة بنشر القضية التي يؤكدون أنها مختلفة عما أوردته “نيويورك تايمز” التي قالت إنها حصلت على “وثائق قضائية” في جنوب إفريقيا تتعلّق بهذا الموضوع.
ويستشهد المستقبليون برواية أخرى أوردتها جريدة sowetanlive الجنوب أفريقية في العام 2016، أوضحت أن المبلغ الذي حصلت عليه العارضة candice van der merwe كان محاولة تهرّب ضريبي لجأ إليها والدها، وتمت محاكمتهما في 2016 في جنوب أفريقيا، حيث لم تقتنع المحكمة بالحجة التي قدّمتها بأن مبلغ 16 مليون دولار من “ثري عربي” وقضت أن والد العارضة أودعه في حسابها بهدف التهرّب الضريبي، وبناء على ذلك جرت تصفية شركته.
وتكشف صحيفة sowetanlive الجنوب أفريقية أن كانديس فان دير ميروي انتباه جذبت مصلحة الإيرادات بجنوب إفريقيا بعد أن زعمت أن أحد المعجبين العرب غير المعروفين – الذين قابلتهم في زيارة عرض أزياء خاصة لنادي بلانتيشن في جزيرة سيشيل بالمحيط الهندي – قد أودع حوالي 200 مليون راند في حسابها المصرفي. وأنه تم وضع علامة على المعاملة من قبل مركز الاستخبارات المالية.
وبحسب الصحيفة الجنوب أفريقية، فإنه في الدعاوى القضائية التي تلت ذلك، اشتبهت السلطات في أن المال جاء من والدها الذي شارك في دعاوى قضائية منذ سنوات مع السلطات الضريبية. وقال القاضي غامبل في حكمه إن رحلة الجزيرة قد تضمنت “قصة خيالية للثروة الصدفة”.
أما رواية صحيفة “نيويورك تايمز” فاشارت إلى أن الحريري لم يكن في حينه بمنصبه عندما بدأ بارسال الأموال منذ العام 2013. كما لا يبدو أن تحويل هذه الأموال قد انتهك أي قوانين لبنانية أو جنوب إفريقية. وأوضحت الصحيفة أن مكتب الحريري الإعلامي لم يجب على الأسئلة المرسلة حول علاقة الحريري بالعارضة كانديس فان دير مروي.
وقالت الصحيفة أن التحويلات البنكية إلى فان دير ميروي بين فترتي ولايته كرئيس للوزراء، بل كان في حينه رئيس حزبه السياسي “تيار المستقبل”. وكان يبلغ من العمر 43 عامًا عند أول عملية تحويل عام 2013، فيما كانت هي بعمر الـ20.
وسبق لفان دير ميروي أن ظهرت في اعلانات ترويجية لمشروبات الطاقة وملابس سباحة، وكان دخلها السنوي المعلن لا يتجاوز 5400 دولار، ثم في أيار 2013 ارتفعت أصولها فجأة بفضل تحويل 15 مليون دولار من بنك لبناني.
وبحسب “نيويورك تايمز”، كتب قاضٍ من جنوب إفريقيا عام 2015: “حظ السيدة يبتسم فجأة”، وكان من المحتمل أن يظل التحويل سرياً لو لم يثر المبلغ الكبير الشكوك بين السلطات المالية والضريبية في جنوب إفريقيا التي حققت فيها واعتبرت أنها مداخيل خاضعة للضريبة.
وأصرت فان دير ميروي على أن المال هدية وليس خاضعًا للضريبة وفقًا لقانون جنوب إفريقيا، وقالت إن الأموال قد أعطيت لها من دون شروط وحددت أن المانح هو الحريري.
وتشير وثائق الدعوى الى أن فان دير ميروي كتبت في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الحريري “أحبك يا سعد :)”، وقدمت فيها تفاصيل حسابها المصرفي حتى يتمكن من تحويل الأموال، وأن الأمر كان حتى تتمكن من شراء العقارات، ثم هبطت الأموال الى حسابها بعد ذلك بوقت قصير، وذلك بحسب الصحيفة التي لم تتمكن من التواصل مع فان دير ميروي، لكن محامي من محاميها السابقَين مثلها في محكمة الضرائب، رفض التعليق.
في إفادة خطية ورد ذكرها في وثائق المحكمة، قالت فان دير ميروي إنها جُندت في سن 19 عامًا للسفر إلى منتجع خاص في جزر سيشيل يدعى “بلانتيشن كلوب” كان يتردد اليه أغنياء العالم، وقالت أنها قضت أربعة أيام في المنتجع وتواصلت مع أشخاص قابلتهم بسبب “نمط حياتها الصحي” وغيرها من الصفات.
وكشفت الصحيفة أن تاجر سيارات أتصل بها لشراء سيارة Audi R8 Spyder جديدة تم دفع ثمنها وتسجيلها باسمها، كما استلمت هاتفين خلويين جديدين، أحدهما به خدمة التجوال الدولي، ولاند روفر “إيفوك”، وبلغت قيمة السيارتين أكثر من 250،000 دولار وهو مبلغ تم إضافته إلى فاتورتها الضريبية. كتب محاموها في عام 2015 أنهم كانوا هدايا من “رجل الشرق الأوسط الميسور” الذي أرسل لها المال.
وعندما سأل المحققون الحكوميون عن التحويلات البالغة ما يزيد على 15 مليون دولار، قال مسؤول في بالبنك إن “المرسل والمستفيد صديقان وهما حاليًا في سيشيل”.
واشترت فان دير ميروي عقارات قيمتها أكثر من 10 ملايين دولار، بما في ذلك منزل في حي فريسناي الراقي في كيب تاون مع حوض سباحة خارجي وإطلالة على المحيط. وقالت إنها أقرضت أيضا 2.7 مليون دولار لشركة عقارية كان والدها متورطا فيها وأجرى معاملات أخرى، تاركا 537000 دولار في حسابها.
واعتبرت سلطات الضرائب بأن المال هدية غير معقولة، واشتُبه في أن يكون لوالدها غاري فان دير ميروي، وهو رجل أعمال خاض معارك قضائية متكررة مع سلطات الضرائب بشأن تعاملاته التجارية. وفرضت السلطات ضريبة الدخل على المبلغ، وجمدت أصول فان دير ميروي وعينت أمينة للإشراف عليها حتى تتم تسوية المسألة. ثم تدخل الحريري مرة أخرى، وأرسل لها مبلغًا إضافيًا قدره مليون دولار مساعدة في تغطية نفقاتها القانونية والمعيشية، وفقًا لوثائق المحكمة.
في المراسلات مع السلطات الضريبية، أقر محامو فان دير ميروي أنه من الصعب تصديق أن “هذه الهبة تم منحها لفتاة صغيرة من قبل شخص كان لديه علاقة عابرة”، لكنها أصرت على أن المال والسيارات كانت هدايا للاستخدام الشخصي من دون أي شروط.
وفي كانون الثاني الفائت، رفعت دعوى قضائية على المسؤولين الحكوميين مقابل 65 مليون دولار كتعويض عن الأضرار التي نسبتها إلى ملاحقة السلطات الضريبية لها، وهذه الوثائق جعلت دور الحريري في القضية علنياً في هذا العام. وقالت فان دير ميروي في الدعوى، إنها اضطرت الى بيع المنزل لأن تجميد الأصول منعها من دفع تكاليف الصيانة. كما ان الدعاوى القضائية تسببت لها بأضرار مهنية بات من الصعب إصلاحها، وقد قطعت علاقتها بالحريري.