كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:
بعد أقل من يوم على إقرار الحكومة معظم بنود خطة النفايات التي أعدها وزير البيئة فادي جريصاتي، وبعد أن رصد الوزير ومستشاروه رأي الإعلام بهذه الخطة، دعا جريصاتي إعلاميين إلى إجتماع “طارئ” مساء أمس في وزارته لشرح خطّته والاستماع إلى أسئلتهم والإجابة عليها. استقبل الوزير الإعلاميين وأسئلتهم برحابة صدر، لكنّه عبّر عن انزعاجه من الظّلم الذي تعرّضت له خطّته التي قال إنه حارب لأجل إقرارها، ولوح لرئيس الحكومة سعد الحريري بالاستقالة في حال عُرقلت. وروى جريصاتي كيف حظي في بعض الأحيان بتأييد وإجماع الوزراء قبل أن يترك وحيداً في المواجهة.
أوضح وزير البيئة للإعلاميين سبب دعوتهم إلى الجلسة، تاركاّ لهم حرية دعمه أو انتقاده بعد الاستماع إلى شرحه، وأعلن أن المقالات التي تلت إقرار الخطة دفعته للدعوة إلى مؤتمر صحافي عند العاشرة من صباح اليوم. وشرح جريصاتي خطته منطلقاً من فرضية أن الإعلاميين لا يدركون حقيقة الخطة وما تضمنته، آملاّ بأن يشرحوها بدورهم للمواطنين بعد ايضاحها ليتغير موقفهم منها، “لأن نصف المعلومات التي تنشر خاطئة”.
ينظر الوزير إلى خطته باعتبارها إنجازاً، “فلأول مرة تضع الوزارة استراتيجية، وشاركها المجتمع المدني بوضعها. وقد أقرت الكثير من الأمور في جلسة الأمس لكن لم تبرز سوى المحرقة لأنها sexy ، كما حكي عن قرار الوزارة إنشاء 25 مطمراً وكأن المطامر لم تكن موجودة في لبنان”. ويوضح جريصاتي أن الخطة تهدف في الحقيقة إلى تحويل نحو 1000 مكب عشوائي منتشرة في لبنان إلى 25 مطمراً صحّياً. أما “الإنجاز الأبرز” فهو صدور مرسوم يلزم اللبنانيين بفرز النفايات من المصدر للمرة الأولى. لكن جريصاتي يدرك أن هذا المرسوم غير كاف وسيظلّ “شعراً” إن اعتمدنا على إمكانات البلديات، لذلك طرح فرض ضرائب على المنازل رغم معرفته بأنها “غير شعبية”. وكان الاقتراح أن يفرض على المنزل الذي تبلغ مساحته أقل من مئة متر مبلغ 5 آلاف ليرة شهرياً على أن يرتفع المبلغ (قليلاً) مع ارتفاع المساحة تطبيقاً لمبدأ “العدالة الإجتماعية”. ولضمان التنفيذ طرح أن تقوم البلدية بصفتها ضابطة عدلية بالكشف على النفايات في المنازل وتسطير محاضر ضبط بحق من لا يقوم بفرز نفاياته. لكن جريصاتي لا يتوقع قبول مجلس النواب بالتصويت على اقتراحه لاعتبارات انتخابية.
أما “أكبر إصلاح” تضمنته الخطة، وفق جريصاتي، فكان الفصل بين كنس النفايات وجمعها وبين معالجتها وبين طمرها أو حرقها. “بذلك لا يقوم المتعهد نفسه الذي يجمع النفايات بفرزها ومن ثم طمرها، وبدل أن يكون لمن يتولى الفرز مصلحة في طمر أكبر كمية من النفايات، سيسعى إلى فرز أكبر كمية من النفايات لتزداد أرباحه، بذلك تنخفض كمية النفايات التي تطمر وتطول المدة اللازمة للمطامر كي تبلغ قدرتها الاستيعابية القصوى، فحرام أن يمتلئ المطمر خلال فترة قصيرة وقد كلفنا تجهيزه ملايين الدولارات”.
يعترف وزير البيئة بتوزيع المطامر والمحارق على المناطق توزيعاً طائفياً ومناطقياً، “فلقد وزعنا النفايات على الجميع حتى تمر الخطة”. وبينما ينفي الوزير أي علاقة أو سلطة له في ما يتعلق بإنشاء محرقة في بيروت، يؤكد أننا بعيدون عن إنشاء المحارق، ويتحدى المعنيين بأن يتمكنوا من إنشاء المحارق خلال مهلة السنوات الخمس التي يتحدثون عنها. هو ليس موقفاً معارضاً للمحارق وإنما موقف متشائم. فالعمل على ملف النفايات حوّل جريصاتي من وزير متفائل إلى وزير متشائم، وزير ورث 50 سنة من قلة الثقة ولا يدري كيف يمكنه بناؤها، على حد قوله.