كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:
من المطمر إلى المعمل درّ… عاشت المنية وجوارها خلال ثلاثة أيام سباقاً بين التصعيد والتهدئة، حيث رفع أهالي المنية ودير عمار والبداوي منسوب التحدّي بوجه وزارة الطاقة والمياه والوزيرة ندى البستاني، التي بقيت على موقفها من رفض عودة التيار إلى المنية والجوار بحسب اتفاق مسبق 20 – 4 في حين بقي الأهالي على موقفهم من التصعيد ورفض فتح الطرق قبل تحقيق مطالبهم.
وبعد ظهر الثلثاء أزالت وحدات الجيش خيمة الإعتصام من أمام شركة كهرباء لبنان في دير عمار التي نصبها محتجون على انقطاع التيار الكهربائي وعودة العمل بالتقنين في نطاق المنية وجوار معمل دير عمار بمعدل 12 ساعة تقنين في اليوم، مدعومين سياسياً من الحاج كمال الخير. رفع الخيمة دفع بأعداد كبيرة من الأهالي للنزول إلى الشارع وقطع الطريق بالكامل عند أوتوستراد (عكار – المنية – طرابلس) بالأتربة، كما عمد أهالي البداوي إلى قطع الطريق ذاتها في نطاقهم وأشعلوا الإطارات، حيث واكب رؤساء بلديات ديرعمار والبداوي ورئيس بلدية المنية الأسبق ظافر زريقة، كمال الخير، ونزلوا أيضاً إلى الشارع كذلك فعل النائب السابق كاظم الخير.
أفضت الإتصالات والمساعي بعد ظهر أمس إلى عقد لقاء في وزارة الطاقة بين البستاني ورئيس اتحاد بلديات المنية خالد الدهيبي ورئيس بلدية البداوي حسن غمراوي في محاولة لإيجاد الحلول، ومن بين المقترحات التي كان يعمل عليها مستشار الوزيرة أن يكون هناك يوم واحد تيار، كما كان في السابق (20 – 4) في الأسبوع لكن هذا الإقتراح رفضه الأهالي كما رفضته الوزيرة وفاعليات المنطقة.
معلومات “نداء الوطن” من كواليس الإجتماع تشير إلى أن الوفد الشمالي طرح على الوزيرة السؤال التالي: “لماذا تحصل البترون وزغرتا وغيرها من المناطق على 20 ساعة ومناطقنا تخفّض فيها ساعات التغذية، علماً أننا المتضررون من معمل ديرعمار وأولادنا يموتون بالسرطانات؟ فكان جواب البستاني: “هذه مناطق اصطياف وسياحة… وتدريجياً سيتحسن التيار مع انتهاء موسم الإصطياف. إفتحوا الطرق وأوقفوا الإعتصامات وبعدها قد نفكّر بالأمر لكن لن نفكر فيه تحت الضغط”، الأمر الذي لم ير فيه المجتمعون إلا الإجحاف بحق المنية وجوارها.
وقد أبلغ رئيس اتحاد بلديات المنية خالد الدهيبي “نداء الوطن” فور انتهاء الإجتماع أن “الأجواء خلاله كانت سلبية للغاية والوزيرة أقفلت الباب أمام أي حلول، ولذلك سأعود إلى الشمال وألتقي بالناس والفاعليات قبل أن أقرر أي شيء في خصوص الإستمرار بالإعتصام وقطع الطرقات من عدمه”.
وعلى مدى ثلاثة أيام بدت عكار مقطّعة الأوصال بالكامل ومعزولة عن العالم إذ أن منفذها الوحيد إلى باقي المناطق لا سيما طرابلس وبيروت هو أوتوستراد (المنية – ديرعمار)، لأن الطرق الفرعية عبر الضنية سيئة وخطرة لكن البعض سلكها مرغماً، ثم عمد الأهالي إلى قطعها هي الأخيرة أيضاً. وانتقد في هذا السياق عدد كبير من أهالي عكار تصرّف أهالي المنية والبداوي فاعتبروا “أنهم لا يقطعون الطريق على الوزيرة أو المسؤولين إنما يقطعونها عن المواطن العكاري وعن إبن المنية أيضاً، وهؤلاء ليسوا المسؤولين عن الكهرباء والتقنين. في حين بدأت أصوات ولو خجولة أبرزتها مواقع التواصل الإجتماعي، تطالب هي الأخرى أهالي عكار بالنزول إلى الشارع والتحرّك، فوضع عكار ليس أفضل من المنية وديرعمار والبداوي من حيث التقنين والتغذية”.
ثلاثة أيام مرت على قطع الطرق بدا فيها أن الغطاء السياسي للتحركات في الشارع، للحاج كمال الخير المحسوب على “حزب الله”، وغطاء البلديات، في المقابل لم يصدر عن النائب عثمان علم الدين أي موقف في هذا الخصوص، وقد حاولنا استطلاع موقفه حيال الأمر من دون جواب. لكن مصادر مقرّبة من الأخير قالت: “لسنا مع قطع الطرق ولا نؤيدها. كما لم يبرز أي موقف من تيار المستقبل وأنصاره الذي حافظ على هدوئه ولم يدلِ بأي مواقف حيال الأمر والمستجدات”.
وأبلغت أوساط في “الوطني الحر” “نداء الوطن” أن “الوزير جبران باسيل طلب من الوزيرة البستاني ألا تضعف أمام الشارع فلا مجال لتزويد المنية وجوارها بـ 20 ساعة، وفي النهاية ستنسحب الناس من الشارع وتفتح الطرق تحت ضغط شوارع أخرى متضررة، وأن الحكومة كلها وراء البستاني فلا مجال لليّ ذراع الدولة”.
وحده الجيش يقف في الساحات يحاول منع الأمور من التفاقم وقد تعرّض بعض من عناصره لجروح وهو يحاول تفريق جموع المتظاهرين. وقد انتهى اليوم الثالث من الإعتصام وشلّ الحركة في المنطقة على سلبية اللقاء بين الوزيرة والوفد الشمالي، والأمور تتجه إلى التصعيد في تلك المناطق، لأن الوزيرة قررت ألا تفاوض تحت الضغط. وقد تلاقت المصلحة السياسية لخصوم الأمس كمال وكاظم الخير فنزلا معاً إلى الشارع، في محاولة منهما لتعرية علم الدين والمستقبل بأنهما ضد مطالب الشارع. وبالنسبة إلى كمال الخير، الرجوع عن الإعتصام من دون تحقيق نتائج سيعتبر انتحاراً سياسياً. ودخلت الأمور في مرحلة عض أصابع واللعب على الوقت ليتضح في النهاية من سيربح، في وقت ترتفع فيه صرخة أهالي عكار جراء إقفال الطرق في وجههم وعزلهم عن باقي المناطق.
وفي هذا الوقت كان “حزب الله” قد دخل على خط الوساطة في الأزمة بين وزارة الطاقة والحاج كمال الخير وحسمها مساء أمس، عندما أعلن الخير أمام الجموع أن التيار في المنية سيعود إلى المنطقة كما كان اعتباراً من 15 أيلول المقبل وعلى هذا الأساس أعيد فتح الطرق من جديد.