أنا والخبر/
سماحة القاضي الشيخ بلال أحمد بشير حمود رئيس محكمة البيرة الشرعية السنية يوضح الأسباب التي دعت المحاكم الشرعية السنية لزيادة الرسوم على فحوصات عقد الزواج .
بعد الضجة التي أثارها البيان الصادر عن المحاكم الشرعية السنية على صفحات التواصل الإجتماعي وردود الأفعال وحملات التجني والافتراءات التي طالت المحاكم الشرعية السنية إثر زيادة مبلغ أربعين ألف ليرة لبنانية على رسوم الفحوصات الطبية المخبرية المطلوبة لإجراء عقد الزواج لتصبح ثمانون ألف ليرة لبنانية ، أجرينا لقاءً مع سماحة القاضي الشيخ بلال أحمد بشير حمود رئيس محكمة البيرة الشرعية السنية للاستيضاح منه عن الدوافع التي أدت لصدور هذا القرار ودعت المحاكم السنية لزيادة هذه الرسوم ، وقد أدلى سماحته بالتصريح التالي :
بســــــم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
بالأمس القريب طالعتنا بعض مواقع وسائل التواصل الاجتماعي بأن المحاكم الشرعية رفعت كلفة فحوصات عقد الزواج من أربعين ألف ليرة لبنانية إلى ثمانين ألف ليرة لبنانية , مرفقةً الخبرَ بصورة عن مذكرة إدارية بهذا الشأن صادرة عن سماحة رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا .
ثم كثرت التساؤلات من المتابعين عن السبب , وانهالت التعليقات بين مؤيد ومعارض إزاء الأمر , وكثرت المغالطات التي تُحتّم علينا توضيح الموضوع وتبيانه : قطعاً للفتنة , وتوضيحاً للموضوع , ولجماً لألسنة السوء , لذا :
كان لا بد من القول بأن الزواج هو اللبنة الأساسية لتكوين المجتمع ، والركيزة في بناء العلاقات العاطفية والصحية والأسرية , وإذا كان الزواج صحيًا يحمي أفراد الأسرة من الأمراض الوراثية أو المعدية ؛ ساهم ذلك في بناء أسرة سعيدة ومستقرة.
وكذلك فإن الفحص الطبي قبل الزواج واحدٌ من أهمّ الإجراءات التي يجب على الجميع اتباعها قبل الإقبال على الزواج ؛ إذ إنّه يساعد على الحدّ من الأمراض المتفشية في المجتمع بشكلٍ عام والحد من الأوبئة المنتشرة في العالم ، ولتجنب إصابة الأجنة بالكثير من الأمراض ذات الطابع الوراثي والعائلي ، والتي يكثر انتشارها في مجتمعاتنا العربية ، وهو عبارة عن مجموعة تحاليل مخبرية شاملة يخضع لها المقبلون على الزواج ، وذلك لاكتشاف المشكلات والمخاطر الصحية المحتملة بالنسبة لهم ولأطفالهم ، ومدى توافقهم صحيًا .
وتنحصر أهمية فحص الزواج لمساعدتهم على استيعاب صفاتهم الوراثية واتخاذ الاحتياطات والعلاجات اللازمة اللازبة , وقد سنَّت بعض الدول العربية أنظمة لتطبيق الفحص قبل الزواج ، وتعد المجتمعات العربية بشكل عام من المجتمعات التي يشيع فيها زواج الأقارب ضمن نطاق القبيلة ، أو العشيرة ، أو العائلة والأسرة الواحدة , لذلك كله درجت عليه المحاكم الشرعية في لبنان وكذا في غيره من الدول , مثل : الكويت والإمارات ومصر والأردن وسوريا .
ويعدّ الفحص الطبي قبل الزواج جائز شرعًا ولازم قانوناً ، وهو ضروري إن خاف الزوجان أو أحدهما من وجود مرضٍ داخليّ ، يؤثر عل الصحة ، ويمنع استقرار الزواج والطمأنينة بينهما ، والغاية من ذلك تجنبّ حصول نزاع وخلاف بعد عقد الزواج .
وبحسب آراء الأطباء الأخصائيين في هذا الموضوع فإن الفحوصات الواجب إجراؤها كثيرة , غير أن المحاكم الشرعية اقتصرت في قراراتها على الأهم منها واللازم الضروري الذي لا بد منه فقط , للهدف والغاية المنوه بها أعلاه أولاً , وتخفيفاً على الناس من ناحية أخرى .
و يهدف برنامج الفحص الطبي قبل الزواج إلى أمورٍ كثيرةٍ أهمها ما يلي :
- الحد من انتشار بعض أمراض الدم الوراثية ( الثلاسيميا – المنجلي ) وبعض الأمراض المعدية ( التهاب الكبد ب/ج ، ونقص المناعة المكتسب (الإيدز).
- نشر الوعي بمفهوم الزواج الصحي الشامل.
- تقليل الضغط على المؤسسات الصحية وبنوك الدم .
- تجنب المشاكل الاجتماعية والنفسية للأسر التي يعاني أطفالها .
- التقليل من الأعباء المالية الناتجة عن علاج المصابين على الأسرة والمجتمع .
وبناء عليه :
فإن المحاكم الشرعية تركت الأمر لأهل الاختصاص وهم الأطباء الموثوقون المؤتمنون على متابعة الفحص الطبي والمخبري ومن ثم كتابة تقاريرهم الواضحة بهذا الشأن وإعلام أصحاب العلاقة بمضمونها , وضمها إلى معاملة عقد الزواج أصولاً , وما كان اجتماع سماحة الرئيس بأمين سر نقابة أصحاب المختبرات الطبية إلا متابعةً لهذا الشأن , ورعايةً لصحة الزوجين , وفرض الفحوصات الضرورية التي يعود نفعها على الزوجين وأولادهما ليس إلا .
وأما بالنسبة لمبلغ الأربعين ألف ليرة لبنانية , فهو الرسمُ الذي يدفع إلى المختبر الطبي مقابل إجراء الفحوصات المعروفة للخاطبين والذي يعمل به منذ عام 2000م إلى تاريخه , ثم بعد زيادة الفحصين المتعلقين بالكبد وفقر الدم المشار إليهما في المذكرة وغلاء الأسعار كان لا بد من رفع التعرفة بقدرٍ لا يضر بالناس ولا بأصحاب المختبرات , وبالتالي فلا يُدفع للمحكمة ولا للطبيب ولا لمجري العقد , وكذا تحديد الرسم حماية للناس حتى لا يضع كل مختبر رسماً يفوق الرسم الحقيقي .
لذلك كله :
نهيب بالناشر والقارئ أن يسأل إذا لم يكن يعلم حتى لا يفسر الأمر في غير محله , وكفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع , والله المستعان وعليه التكلان , وصلى الله وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .